قاله الشيخ في التبيان (١).
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) ترتيل القرآن قرائته على ترسل ، وتؤدة بحيث يتبيّن الحروف وتشبع الحركات حتّى يجيء المتلوّ منه شبيها بالثغر المرتل ، وعن أمير المؤمنين عليهالسلام بيّنه تبيانا ، ولا تهذّه هذّ الثغر ، ولا تنثره نثر الرمل ولكن أقرع به القلوب القاسية ، ولا يكوننّ همّ أحدكم آخر السورة ، وعن ابن عبّاس لإن أقرء البقرة أرتلها أحبّ إليّ من أن أقرء القرآن.
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) وهو القرآن لما فيه من الأوامر والنواهي الّتي هي تكاليف شاقّة ثقيلة على المكلّفين ، وخاصّة على رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنّه متحمّلها لنفسه ، ومحملها لأمّته فهي أثقل عليه وأبهظ له.
(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) هي النفس الناشئة بالليل الّتي تنشأ من مضجعها إلى العبادة أي تنهض وترفع من نشأت السحابة : إذا ارتفعت. ونشأ من مكان : إذا نهض ، وعن أبي عبد الله عليهالسلام هي قيام الرجل عن فراشه لا يريد إلّا الله (٢) ، وعن عبيد قلت لعائشة : رجل قام من أوّل الليل أتقولين له : قام ناشئة من الليل؟ قالت : لا إنّما الناشئة القيام بعد النوم (٣) ، وقيل : هي العبادة الّتي تنشأ بالليل : أي تحدث ، وقيل : هي ساعات الليل كلّها لأنّها تحدث واحدة بعد اخرى ، وقيل : الساعات الأول منها من نشأت إذا ابتدءت ، وعن الحسن كلّ صلاة بعد العشاء فهي ناشئة الليل ، وعن عليّ بن الحسين عليهالسلام أنّه كان يصلّى بين المغرب والعشاء ، ويقول : هذه ناشئة الليل (٤)
__________________
(١) انظر التبيان ج ٢ ص ٧٢١ ط إيران
(٢) انظر المجمع ج ٥ ص ٣٧٨.
(٣) انظر الكشاف ج ٣ ص ٢٨١.
(٤) انظر الكشاف ج ٣ ص ٢٨١ واللفظ فيه عن على بن الحسين ـ رضى الله عنهما ـ أنه كان يصلى بين المغرب والعشاء ويقول : أما سمعتم قول الله تعالى (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) هذه ناشئة الليل ، وانظر أيضا الدر المنثور ج ٦ ص ٢٧٨ وفيه وأخرج ابن نصر والبيهقي عن على بن الحسين قال : ناشئة الليل قيام ما بين المغرب والعشاء ، وأخرج ابن المنذر عن حسين بن على. أنه رئي يصلى ما بين المغرب والعشاء. فقيل له في ذلك فقال : إنها من الناشئة.