لدخولهنّ في المتطهّرين كما في كثير من الأحكام.
الثامنة : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١) (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) بفتحتين مصدر كالغضب ، ووقوعه خبرا عن ذي الخبر إمّا بتقدير مضاف : أي ذو نجس أو بتأويله بالمشتقّ نظرا إلى أنّه صفة يستوي فيه الواحد وغيره يقال : رجل نجس وقوم نجس ورجلان نجس وامرأة نجس أو أنّه باق على المصدريّة من غير إضمار ولا تأويل ، ويكون الحمل على طريق المبالغة فكأنّهم تجسّموا من النجاسة وهذا أولى ، ويؤيّده الحصر فإنّه للمبالغة ، والقصر هنا إضافيّ من قصر الموصوف على الصفة نحو إنّما زيد شاعر ، وهو قصر قلب : أى ليس المشركون طاهرين كما يعتقدون بل هم نجس منحصرون في النجاسة.
وتوهّم الفخر الرازي أنّها من قصر الصفة على الموصوف : أى لا نجس من الإنسان غير المشركين ، وهو بعيد. ثمّ قال : وعكس بعض الناس ذلك وقالوا : لا نجس إلّا المسلم حيث ذهب إلى أنّ الماء الذي استعمله المسلم في رفع الحدث مثل الوضوء والغسل نجس. فالمنفصل من أعضائه من ذلك الماء حينئذ نجس بخلاف الماء الّذي استعمله المشرك فإنّه طاهر لعدم إزالة حدثه.
وحاول بهذا التشنيع الردّ على أبي حنيفة فإنه الّذي يذهب إلى ما ذكره.
وقد اختلف أصحابنا في المراد بالمشرك فالأكثر منهم على أنّ المراد به ما يعمّ عبّاد الأصنام ، وغيرهم من اليهود والنصارى لأنّهم مشركون أيضا لقوله تعالى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) إلى قوله (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢) وبها استدلّ صاحب الكشّاف على كون الكفّار مطلقا مشركين في غير هذا الموضع.
وربّما خصّه بعضهم بمن أثبت له تعالى شريكا وهو غير الكتابيّ وفيه بعد.
وقد اختلف المفسّرون في تفسير كون المشرك نجسا فأمّا الّذي عليه علماءنا ـ قدّس
__________________
(١) التوبة ٢٨
(٢) التوبة ٣٠.