كتاب الصلاة
(وهو يتنوع أنواعا)
الأوّل : في البحث عنها بقول مطلق وفيه آيات :
الاولى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (١).
(إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) لعلّ وجه تخصيص الحكم بهم التحريص والترغيب لهم في حفظها وحفظ أوقاتها حالتي الأمن والخوف ، وإيماء بأنّ ذلك من مقتضى الإيمان وإشعار أهله فلا يجوز أن تفوتهم ، ويمكن أن يكون الوجه ما تقدّم من أنّهم المتهيّئون لذلك الممتثلون له وإلّا فهي واجبة على الكافر أيضا على ما مرّ غير مرّة.
(كِتاباً مَوْقُوتاً) فرضا محدودا لأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها المعيّنة لها في شيء من الأحوال ، ويحتمل أن يراد بالكتاب المكتوب : أى المفروض كقوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) أى فرض والموقوت المحدود بأوقات معيّنة لا يجوز التقديم عليها ولا التأخير عنها ، والمراد أنّ الصلاة مفروضة محدودة بأوقات منجّمة يجب إيقاعها في تلك الأوقات ، ولا يجوز إخراجها عنها في شيء من الحالات ولو في شدّة الخوف ، وفي الآية دلالة على وجوب الصلاة في جميع الأحوال إلّا ما أخرجه الدليل كحال الحيض ونحوه ، وعلى جميع المكلّفين خائفين أو آمنين محاربين أولا كما هو معلوم من أوّلها وعلى هذا علماؤنا أجمع ، وأكثر الشافعيّة ، ويؤيّده ما روى عن ابن عبّاس أنّه قال عقيب تفسير هذه الآية (٢) : لم يعذر الله في ترك ذكره أحدا إلّا المغلوب على عقله وقد روى في أخبارنا هذا المعنى أيضا ، ولم يوجبها أبو حنيفة على المحارب حال المسايفة
__________________
(١) النساء ١٠٣.
(٢) انظر الطبري ج ٥ ص ٢٦٠.