إلى كلّ واحد منهم بمعنى واحد لا اختلاف فيه بينهم ، وهي الولاية الثابتة لله وللرسول وللإمام القائم مقامه ، وكون الوليّ ، في الآية السابقة بمعنى المحبّ أو الناصر لا يوجب كونه هنا أيضا بهذا المعنى ، وهو ظاهر. فإنّ في القرآن قد يكون أوّل الآية بمعنى وآخرها واردا على وجه آخر. ثمّ إنّه تعالى وصف الّذين آمنوا بقوله :
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وقد اتّفق جميع المفسّرين أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حين تصدّق بخاتمه في الصلاة راكعا ، وقد تواترت بذلك الأخبار من الطرفين (١) :
__________________
ـ لا إله إلا الله؟ وثانيا أن مفاد الآية حصر الحيوة الموصوفة بالدنيا وهي الحيوة المصروفة في الشهوات ورذائل الصفات في المشابهة باللهو واللعب اللذين لا يفيدان شيئا لمن اشتغل بهما ، ولذلك جعل الدنيا في العبارة صفة للحيوة حتى لا يستظهر منها مطلق الحيوة الواقعة في الدنيا وعليه فالحصر حاصر صحيح لا وقع لاعتراض الإمام الرازي.
سلمنا وأعرضنا عن ذلك لكن نقول : عدم إفادة إنما للحصر في الآيتين إنما هو لقيام قرينة صارفة عن ظاهرها وليس له إنكار ظهورها في الحصر في سائر استعمالاتها الخالية عن القرينة مع تصريح مهرة اللغة والنحاة وفصحاء الفريقين بكونها موصوفة للحصر.
ولتوضيح المقصود نرشدك إلى جملتين متداولتين في كلمات الأصوليين : إحداهما : أن الأصل في الاستعمال الحقيقة ، وثانيتهما : أن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز ، ومورد الاولى هو الشك في المراد ومرجعه إلى أصالة الظهور وإلغاء احتمال إرادة خلاف الظاهر ، وعليه بناء العقلاء في محاوراتهم ، ومن المعلوم أن الشارع لم يخترع طريقة جديدة ، ومورد الثانية هو الشك في كيفية الإرادة ولم يتقرر بناء من العرف والعقلاء بعد العلم بالمراد أن المستعمل فيه هو المعنى الحقيقي فعندئذ نقول : بعد ثبوت كون إنما للحصر كلما شك في استعمالها في غير الحصر فنقول المراد هو الحصر لأن الأصل بمعنى بناء العقلاء هو الحقيقة ، وكلما علمنا من الخارج كما في الآيتين بنظر الإمام الرازي وفرضه عدم الحصر فنقول : قصارى ما يستدل به أنه استعمل في غير الحصر ولا دلالة للاستعمال على كونه حقيقة.
(١) انظر غاية المرام من ص ٩٠ إلى ١٠٧ الباب الثاني عشر والتاسع عشر وفيه ٣٥ حديثا من طرق الفريقين ، وفي المراجعات للمرحوم آية الله السيد شرف الدين المراجعة ٤٠ والغدير لاية الله الامينى ج ٢ من ص ٥٢ إلى ٥٣ وتعاليق إحقاق الحق لاية الله المرعشي ج ٢ ـ