الله أرواحهم ـ أنّ المراد به النجاسة الشرعيّة وأنّ أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير وهو الظاهر المتبادر لغة وعرفا ، ويؤيّده قوله تعالى (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) ، وقراءة نجس بالكسر التابع غالبا لرجس حتّى صار بمنزلة النصّ فيه وخصوصا عند عدم دليل على خلافه فيجب الحمل عليه ، وهو المروي عن أهل البيت عليهمالسلام ومذهب شيعتهم الإماميّة ، ويروي عن الزيديّة (١) أيضا المنقول عن ابن عبّاس. فعلى هذا فمن باشر يد كافر وجب عليه أن يغسل يده إذا كانت يده أو يد المشرك رطبة ، وإن كانتا يابستين مسحهما بالحائط استحبابا ، وقال الحسن البصري : من صافح مشركا توضّأ : أي غسل يده ولم يفصّل.
وأمّا الفقهاء الأربعة فقد اتّفقوا على طهارة أبدانهم ، وأوّلوا الآية بأنّ المراد بنجاستهم خبث باطنهم ، وسوء اعتقادهم أو المراد نجاسة ظاهرهم نظرا إلى أنّهم لا يتطهّرون ولا يغتسلون ولا يتجنّبون النجاسات بل يلابسونها غالبا كشربهم الخمر وأكلهم لحم الخنزير ، وحينئذ فيكون المعنى أنّهم ذو نجاسة ، وعلى هذا حمل الكشّاف والبيضاوي هذه الآية وهو بعيد. إذ المتبادر منها نجاسة ذواتهم وأعيانهم مطلقا لا ملامستهم النجاسة فإنّ ذلك مجاز يحتاج الحمل عليه إلى قرينة وإخراج القرآن عن الظاهر من غير دليل لا وجه له فإنّ العمل بظاهر القرآن واجب لا يجوز العدول عنه إلّا بما هو مثله أو أقوى منه في الدلالة وظاهر كلامهما أنّه لا دليل عليه إلّا اتّفاق أهل المذاهب الأربعة على خلاف صريح القرآن وإن كان ينبغي في الشرع أن يشير إليه ، والعجب أنّ البيضاوي بعد أن حمل الآية على ملابسة النجاسة غالبا قال : وفيه دليل على أنّ ما الغالب نجاسته
__________________
(١) نقله في البحر الزخار للمهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى المتوفى ٨٤٠ في الفقه الزيدي ج ١ ص ١٢ عن الهادي والقاسم والناصر من علماء الزيدية ، ونقله فيه عن مالك أيضا ، وبه قال أهل الظاهر أيضا قال ابن حزم في المحلى ج ١ ص ١١٠ ، ولا عجب في الدنيا أعجب ممن يقول فيمن نص الله تعالى أنهم نجس : إنهم طاهرون ، وأعزب القرطبي حيث نقل القول بالنجاسة عن الشافعي أيضا.