حرّم شربها لا الصلاة في ثوب أصابه الخمر.
وأمّا الأمر بالاجتناب فغير صريح أيضا لظهور أنّ الضمير يرجع إلى الرجس الّذي هو خبر عن الجميع أو إلى المضاف المحذوف : أي تعاطى هذه الأشياء أو إلى كلّ واحد من المذكورات ، وليس في ذلك دلالة على النجاسة بوجه بل الظاهر منه تحريم الاستعمال المترتّب على كلّ واحد واحد بخصوصه. ومن ثمّ استدلّ أكثر المفسّرين بها على تحريم الخمر والميسر ، ودلالتها على ذلك بل على تحريم سائر التصرّفات من وجوه شتّى كالمقارنة بالأصنام الّذي عبادتها الكفر المحض ، والأزلام الّتي هي من شعائر الكفّار والحصر بأنّه ليس إلّا الرجس ، وأنّه من عمل الشيطان المؤذن بأنّ ذلك شرّ محض. ثمّ الأمر بالاجتناب عن عينها ظاهرا أو جعله سببا يرجى منه الفلاح مشعر بأنّ مباشرها لا يفلح مع إمكان أن يقال : إنّ في لعلّ أيضا تأكيد وإيماء بأنّهم لمّا تقدّم منهم ذلك صاروا بعيدين عن الفلاح ، ثمّ آكد ذلك ببيان ما فيها من المفاسد الدنيويّة والدينيّة. ثمّ بعد أن قرّر ذلك قال : فهل أنتم منتهون بصيغة الاستفهام مرتّبا على ما تقدّم من أنواع الصوارف وإيذانا بأنّ الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية ، وأنّ الأعذار قد انقطعت ، وسيجيء الكلام في ذلك إنشاء الله تعالى ، والأخبار الدالّة على النجاسة معارضة بمثلها ممّا دلّ على الطهارة ، والجمع بينها بحمل ما يدلّ على الغسل على الاستحباب أولى من حمل ما يدلّ على العدم على التقيّة.
والحقّ أنّ المسئلة من المشكلات خصوصا بعد ملاحظة ما نقله شيخ الطائفة ، والسيّد المرتضى من الإجماع على نجاسة الخمر بل قال السيّد المرتضى : إنّه لا خلاف بين المسلمين في نجاسته إلّا ما يحكى من شذاذ لا اعتبار بقولهم هذا كلامهم ، وليس في كلام الصدوق تصريح بالطهارة فإنّه حكم بجواز الصلاة في ثوب أصابه الخمر وهو غير الطهارة لجواز العفو عنده ، وعليك بالاحتياط التامّ في هذا المقام.
العاشرة : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (١).
__________________
(١) المدثر ٤ و ٥.