على أحدها أمرني ربّي ، وعلى الآخر نهاني ربّي ، وعلى الثالث غفل ، وسيجيء بيانهما إنشاء الله. (رِجْسٌ) قذر تعاف عنه العقول ، ونقل في التبيان من الزجاج أنّه في اللغة اسم لكلّما استقذر من عمل يقال : رجس يرجس إذا عمل عملا قبيحا ، وهو خبر عن الخمر وحده فلذا أفرد. وخبر المعطوف عليه مجذوف أو أنّه خبر عن المضاف المحذوف كأنّه قيل : إنّما تعاطي الخمر والميسر إلخ.
(رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) لأنّه مسبّب عن تسويله وتزيينه.
(فَاجْتَنِبُوهُ) الضمير للرجس أو لما ذكر أو للتعاطى.
(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) بالاجتناب عمّا نهيتم عنه ، واستدلّ شيخ الطائفة ـ قدّس الله روحه ـ بهذه الآية على نجاسة الخمر من وجهين
أحدهما : كون الرجس بمعنى النجس وادّعى الإجماع على ذلك. والظاهر أنّ مراده أنّه في الآية كذلك وإلّا فمعلوم أنّه في اللغة لمطلق القذر.
وثانيهما : قوله سبحانه ، (فَاجْتَنِبُوهُ) فإنّ الأمر بالاجتناب يقتضي وجوب التباعد عنه بجميع الأنحاء في عامّة الأوقات والحالات إلّا ما خرج بالدليل وليس ذلك إلّا لنجاسته فتبطل الصلاة إذا كان على ثوب المصلّى أو بدنه ، وحالة الصلاة من جملة الحالات ، ومعلوم أنّ من صلّى وهو متلطّخ بالخمر لا يكون مجتنبا له ولا متباعدا عنه في حال صلوته ، وفي الدليل نظر لظهور أنّ الرجس بمعنى القذر كما تقدّم ، والإجماع على أنّه بمعنى النجس هنا لا يتمّ إلّا على ظاهر الآية لظهور أنّه خبر عن الجميع ، والنجاسة فيما عدا الخمر غير معلومة ، وتعيّن كونه خبرا عن الخمر ، وجعل خبر الباقي محذوفا بعيد لعدم ما يدلّ على ذلك المحذوف. إذ الرجس المذكور بمعنى النجس ، والمحذوف ليس بهذا المعنى بل بمعنى القذر إلّا أن يقال : هو يدلّ على أنّ المحذوف مثل لفظه وإن كان بمعنى آخر.
وفيه تأمّل ولأنّ الرجس في أكثر الآيات إنّما يستعمل بمعنى القذر مطلقا نحو قوله تعالى (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الآية ، والمراد الأقذار والأفعال القبيحة المستقبحة المؤدّية إلى الإثم ومن ثمّ قال الصدوق : إنّ الله ـ عزوجل ـ