غير معلوم هنا. إذ هو إنّما تعلّق بالمباشرة وهو خارج عنها اللهمّ إلّا أن يقال : لمّا كان جميع الزمان وقتا للاعتكاف المحرّم فيه المباشرة فإيقاعها في جزئه يوجب تعلّق النهي بالنسبة إليه فيفسد وهو يستلزم فساد الجميع.
وقد دلّت الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام على البطلان بالمباشرة ، وانعقد عليه إجماع الفرقة المحقّة أيضا. ثمّ إنّ إطلاق المباشرة ينصرف إلى الجماع لأنّه هو المتبادر منه فيكون هو المراد منها هنا ، وعلى هذا جماعة من أصحابنا وأخذ بعضهم بظاهرها فحكم بتحريم الملامسة والتقبيل بشهوة والنظر بشهوة ونحوها بل حكم بعضهم بفساد الاعتكاف معها مستدلّا بظاهر الآية ، وفي استفادة ذلك من الآية بعد ، والأظهر قصر الحكم على الجماع مطلقا أنزل أو لم ينزل جامع في القبل أو الدبر نعم لو أنزل بأحد الأمور المذكورة فسد اعتكافه لتعمّده إفساد الصوم المقتضى فساده.
واستدلّ البيضاوي وصاحب الكشّاف بها على أنّ الاعتكاف لا يكون إلّا في المسجد (١) وفي دلالة الآية على ذلك نظر فإنّ مضمونها تحريم المباشرة حال الاعتكاف في المساجد ولا دلالة لذلك على الشرطيّة ظاهرا إلّا بنوع من التكلّف بعيد فإذن هي كالمجملة في ذلك وبيانها يعلم من الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام الدالّة على الشرطيّة ، والظاهر أنّ العلماء متّفقون على الاشتراط في حقّ الرجل أمّا المرأة فأكثرهم على اشتراطه في اعتكافها أيضا ، وخالف فيه بعض العامّة فجوّز لها الاعتكاف في مسجد بيتها ، وهو الموضع الّذي جعلته لصلاتها من بيتها ، وهو ضعيف لا اعتبار به.
__________________
ـ حد. كل ذلك ينبئ عن أن صدور هذه الاخبار لم يكن لبيان حد للمغرب الحاصل بالغروب المتبين معناه عند العرف ، وانما صدرت لبيان أمارة حصول الغروب التي يصح معها للمكلّف ترتيب أثر حصول الغروب والإفطار وفعل صلاة المغرب والإفاضة من عرفات وغيرها من أحكام الغروب يرشدك إلى ذلك أيضا التعليلات الواردة في الاخبار كل ذلك لحصول العلم وزوال الشك في حصول الغروب المتحقق باستتار القرص ، ومع ذلك فالاحتياط بتأخير صلاة المغرب والإفطار إلى ذهاب الحمرة وعدم تأخير الظهرين عن استتار القرص لا ينبغي أن يترك ، والله العالم بحقائق الأمور.
(١) انظر الكشاف ج ١ ص ٢٥٨ والبيضاوي ص ٤٠ وفي الكشاف وقرء مجاهد في المسجد.