لا يقال : التيمّم بالحجر مع عدم التراب مجز بالإجماع ، ولو لا دخوله في الصعيد لما أجزأ.
لأنّا نقول : إجزاء التيمّم به على ذلك التقدير لدليل دلّ عليه كالإجماع ونحوه لا يقتضي دخوله في الصعيد ، ولهذا جاز التيمّم بالوحل عند عدم الجميع لدليل اقتضاه ولا قائل بدخوله في الصعيد قطعا أمّا تعميم الغائط بحيث يشمل جميع أفراد الحدث الأصغر ، واللمس بحيث يشمل جميع أفراد الحدث الأكبر فبعيد بل لا وجه له.
وقد يستدلّ بهذه الآية وسابقتها على حصول الجنابة بمجرد غيبوبة الحشفة لصدق الملامسة الّتي هي الجماع مع الإدخال خرج منه ما دون الحشفة بالإجماع ، والأخبار فيبقى الباقي.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) أي كثير الصفح فالتجاوز كثير المغفرة والستر فلذلك يستر الأمر عليكم.
الثالثة : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١).
(وَما أُمِرُوا) أى أهل الكتاب في كتبهم المنزلة عليهم.
(إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) حال عنهم : أى لم يؤمروا إلّا بإيقاع العبادة على وجه الإخلاص لله تعالى غير خالطين بعبادته عبادة سواه.
(حُنَفاءَ) جمع حنيف وهو المائل إلى الحقّ والحنيفيّة الشريعة المائلة إلى الحقّ وأصله الميل ، ومن ذلك الأحنف المائل القدم إلى جهة القدم الآخر ، وقيل : أصله الاستقامة ، وإنّما قيل : للمائل القدم أحنف على التفأّل وهو في الحقيقة تأكيد لحصر العبادة في الله المفهوم من قوله : إلّا بعد تأكيده بالإخلاص.
(وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) أي يدوموا عليها ويقيموا بحدودها.
__________________
(١) البينة ٥.