باستحباب التعقيب بعد الصلاة.
فقد روي عن الباقر عليهالسلام أنّه قال : الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفّلا (١) وينبغي إيقاعه بعد الفريضة قبل الاشتغال بشيء حتّى النافلة في جميع الصلوات المغرب وغيرها في ذلك سواء لدلالة الفاء على تعقيب الاشتغال به من غير فصل ، ويفهم ذلك أيضا من الروايات. فما ورد من فعلها قبل الكلام وتعجيلها محمول على الكلام غير التعقيب لما رواه ابن بابويه عن الصادق عليهالسلام ، من صلّي المغرب ثمّ عقّب ولم يتكلّم حتّى يصلّى ركعتين كتبتا له في علّيين فإن صلّى أربعا كتبت له حجّة مبرورة (٢) ، وقد يظهر من الآية اعتبار كونه على هيئة الصلاة ، ويستفاد من الأخبار أيضا ، وبالغ الشهيد في الذكرى حتّى حكم بأنّه يضرّ بالتعقيب جميع ما يضرّ بالصلاة ، وتفصيل الكلام في ذلك يعلم من محلّه.
ويحتمل أن يكون المراد من الآية فإذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل وإذا فرغت من دنياك فانصب في عبادة ربّك ، أو إذا فرغت من الفرائض فانصب فيما رغبك الله فيه من الأعمال ، أو إذا فرغت من جهاد أعدائك فانصب بالعبادة الله ، أو إذا فرغت من التبليغ فانصب للعبادة شكرا لما عدّدنا عليك من النعم السالفة ، ووعدناك بالنعم الآتية ، أو إذا فرغت من أداء الرسالة فانصب لطلب الشفاعة ، وسئل ابن طلحة عن هذه الآية فقال : القول فيه كثير ، وقد سمعنا أنّه يقال : إذا صحّحت فاجعل صحّتك وفراغك نصبا في العبادة ، وقال عطا يريد تضرع إليه هاربا من النار راغبا في الجنة ، وكلّ هذه الوجوه بعيدة عن الظاهر بل الظاهر الأوّل.
الحادية عشر : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ
__________________
(١) انظر الفقيه ج ١ ص ٢١٦ الرقم ٩٦٢ والتهذيب ج ٢ ص ١٠٣ الرقم ٣٨٩ والكافي ج ١ ص ٩٥ ط ١٣١٢ وفي الفقيه زيادة وبذلك جرت السنة وفي النسخة المطبوعة في النجف من الفقيه الصادق بدل الباقر وأظن انه من سهو الناسخ.
(٢) الفقيه ج ١ ص ١٤٣ الرقم ٦٦٤ والتهذيب ج ٢ ص ١١٣ الرقم ٤٢٢.