وعدم الوجوب على الغير يستلزم عدم الوجوب مطلقا. إذ لا قائل بالفرق.
ويؤيّد الاستحباب ما في رواية مقاتل بن حيّان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام (١) قال لمّا نزلت هذه السورة قال النبيّ صلىاللهعليهوآله لجبرئيل : ما هذه النحيرة الّتي أمرني بها ربّى؟ فقال : ليست بنحيرة ولكنّه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنّه صلوتنا وصلاة الملائكة في السموات السبع ، فإنّ لكلّ شيء زينة وزينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة الحديث. فإنّ كونها زينة كالصريح في الاستحباب.
ويؤيّده أيضا الشهرة بين الأصحاب وعدم ظهور مخالف في ذلك سوى ما يحكى عن السيّد المرتضى ـ رحمهالله ـ حيث أوجب الرفع في تكبيرات الصلاة ، ولعلّه لظاهر الأمر في الآية ، ولظاهر صحيحة عبد الله بن سنان ونحوها.
وفيه نظر إذ الآية غير صريحة في ذلك كما نقلنا الاحتمالات فيها ، والرواية معارضة بمثلها ، وطريق الجمع حملها على الاستحباب ، والظاهر أنّه أراد بالوجوب تأكّد الاستحباب فإنّه قد يطلقه عليه كثيرا.
ويؤيّده إنّه لم ينقل عنه وجوب التكبيرات الزائدة على تكبيرة الافتتاح بعد وجوب الرفع مع عدم وجوب التكبير.
ومن هنا قال الشهيد : كأنّه قائل بوجوب التكبير أيضا إذ لا معنى لوجوب الكيفيّة مع استحباب الأصل.
وقد يقال : وجوب ذلك بطريق الشرطيّة ممّا لا قصور فيه : أي إن كبّرت فارفع يديك إلّا أنّ حمل كلام السيّد ـ رحمهالله ـ عليه بعيد. فتأمّل.
__________________
(١) روى الحديث في جامع أحاديث الشيعة عن أمالي الشيخ وعن المجمع ، وأخرجه في الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٣ عن ابن أبى حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سنة وكذا في فتح القدير ج ٥ ص ٤٩٠ ، وحكاه في كنز العرفان ج ١ ص ١٤٧ عن الثعلبي والواحدي وادعى الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٥٣٧ أنه من أحسن ما روى في تأويل الآية ثم تفاوت ألفاظ الحديث في المصادر المذكورة يسير.