وسجدة التلاوة في أربعة من هذه المواضع واجبة عندنا يعبّر عنها بسجود العزائم (١) ومستحبّة في البواقي ، وقالت الشافعيّة : بالاستحباب في الجميع ، والحنفيّة بالوجوب في الجميع.
وقد انعقد إجماع الطائفة المحقّة على ذلك ، ورووا عن أمير المؤمنين عليهالسلام (٢) أنّه قال : عزائم السجود أربع ، وروي الكليني (٣) في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : العزائم أربعة : حم السجدة ، والم تنزيل ، والنجم ، واقرأ باسم ربّك ، ونحوها من الأخبار. ففي حم تجب السجدة عند قراءة (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ) الآية ، ويحتمل عند لا يسأمون ، وفي الم تنزيل عند قوله : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) وفي آخر النجم عند قوله (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) وفي آخر اقرأ (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).
واستدلّ العلّامة على وجوب السجود في هذه الأربع بأنّها متضمّنة للأمر بالسجود فتكون واجبة إذ الأمر للوجوب بخلاف غيرها فإنّه غير صريح في الأمر فيكون ندبا.
وفيه نظر فإنّ الأمر بالسجود لا دلالة فيه على وجوب السجدة عند سماع قرائتها
__________________
(١) قال في اللسان : وعزائم السجود ما عزم على قارئ آيات السجود أن يسجد لله فيها.
(٢) أخرجه ابن المنذر وغيره انظر نيل الأوطار ج ٣ ص ١٠٥ وروى ابن المنذر وغيره عن على (ع) أن العزائم : حم ، والنجم ، واقرء ، والم تنزيل حكاه في نيل الأوطار ج ٣ ص ١٥٠ وفتح الباري ج ٣ ص ٢٠٦ وفيه أن إسناده حسن وأخرجه الطحاوي أيضا في مشكل الآثار ج ٤ ص ٣٢ ثم قال : وهذا من على لم يقله استنباطا ولكن قاله مما قد علمه بما هو فوق الاستنباط فدل ذلك على أن ما كان من السجود عزائم كان فيها الوجوب ، وأن ما كان لا عزيمة فيه فتاليه وسامعه بالخيار بين السجود وبين ترك ذلك ، وانظر أيضا المعتصر من المختصر ج ١ ص ٨٣
(٣) انظر فروع الكافي ط ١٣١٢ ج ١ ص ٨٧ باب عزائم السجود الحديث الأول وهو في المرآة ج ٣ ص ١٢٦.