قال : سألته عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان كيف يقضيها. فقال : إن كان عليه يومان فليفطر بينهما ، يوما وإن كان عليه خمسة فليفطر بينهما أيّاما ، وليس له أن يصوم أكثر من ستّة أيّام متوالية وإن كان عليه ثمانية أيّام أو عشرة أفطر بينها يوما وهي ضعيفة السند لا عمل عليها (١) ، ويمكن حمل الأمر فيها على الإباحة لا الندب فيبقى ما دلّ على استحباب المتابعة خاليا عن المعارض فيعمل عمله.
(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) أي يطيقون الصوم.
(فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) مدّ من طعام عند الأكثر ، ويؤيّده أنّ ذلك هو الغالب في قوت المسكين في اليوم الواحد ، وصحيحة محمّد بن مسلم الآتية أو مدّان كما ذهب إليه البعض وعليه أخبار حملها على الاستحباب طريق الجمع هذا.
وقد اختلف المفسّرون في المراد بالّذين يطيقونه ، فقيل : إنّهم سائر الناس ، وقد كان في بدء الإسلام كلّهم مخيّرين بين أن يصوموا ولا يكفّروا وبين أن يكفّروا بالفدية ويفطروا ، وكان الصوم أفضل لهم ثمّ نسخ ذلك بقوله (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) الآية ، وهذا القول مرغوب عنه فيما بين أصحابنا لأنّ النسخ خلاف الأصل لا يصار إليه إلّا مع موجب معلوم ، والّذي ورد في بيان ذلك عن أئمّة الهدى ـ صلوات الله عليهم ـ الّذينهم عارفون بالقرآن ومهبط الوحي ومعدن التأويل ومكان التنزيل وجهان :
الأوّل : المراد بهم الشيوخ والعجائز وذو العطاش ونحوهم من الّذين كانوا يطيقون الصوم أوّلا ثمّ صاروا بحيث لا يطيقونه ، وعلى ذلك دلّ مرسلة بن بكير (٢) عن بعض أصحابنا عن الصادق عليهالسلام في قول الله ـ عزوجل ـ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) قال : الّذين كانوا يطيقون الصوم فأصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكلّ يوم مدّ ففي الآية حذف لا يخفى ، والرواية وإن كانت مرسلة إلّا أنّ ظاهر
__________________
(١) فان عمار فطحي كما قد عرفت غير مرة ، ولعلنا نزيدك بيانا في الجزء الثاني من الكتاب إن شاء الله تعالى.
(٢) انظر الفقيه ج ٢ ص ٨٤ الرقم ٣٧٧ والكافي ج ١ ص ١٩٤ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٢٨.