الّذي حضر فيه من الشهر ، وظاهر أنّ من سافر في الأثناء لم يشهد الجميع فلا يتناوله الأمر بالصوم ، ولأنّ قوله : فمن كان مريضا أو على سفر فعدّة من أيّام أخر ظاهر في أنّ المسافر مطلقا يجب عليه القضاء والإفطار سواء شهد الشهر أو لم يشهده ، ولأنّ المنع من السفر في شهر رمضان عسر على المكلّفين ، وقد نفي تعالى إرادته بالمكلّف.
ويوضح ذلك من الأخبار ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن أبى جعفر عليهالسلام (١) قال : سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيّام فقال : لا بأس بأن يسافر ويفطر ولا يصوم ، والأخبار في ذلك كثيرة ، ورواية أبي بصير ضعيفة (٢) لا تقاوم ما ذكرنا من الأخبار مع أنّ ظاهر الرواية انحصار جواز الخروج في الأمور المذكورة ، وهو خلاف ما يذهب إليه أبو الصلاح فإنّه يجوز السفر في كلّ أمر ضروري ، والأولى حمل النهي فيها على الكراهة جمعا بينها وبين غيرها ممّا دلّ على الجواز فإنّ الفضل في المقام كما دلّ عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) قال : سألته عن الرجل يدخل عليه شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا ثمّ يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت فسألته غير مرّة فقال : يقيم أفضل إلّا أن يكون له حاجة لا بدّ من الخروج فيها أو يتخوّف على ماله ونحوها ، والمشهور بين الأصحاب أنّ الكراهة تزول بمضي ثلاث وعشرين يوما منه ، وقد دلّ عليه رواية عليّ بن أسباط (٤)
__________________
(١) الفقيه ج ٢ ص ٩٠ الرقم ٤٠٠.
(٢) إذ في سند الحديث القاسم بن محمد الجوهري وعلى بن أبي حمزة البطائني وأبو بصير الأسدي المكفوف ، وقد عرفت حال كل واحد منهم في ص ٣٢٧ فراجع.
(٣) الفقيه ج ٢ ص ٨٩ الرقم ٣٩٩ والكافي ج ١ ص ١٩٧ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٣١ وفيه بعد نقل معنى البراح بفتح الباء عن الجوهري بالمتسع من الأرض لا زرع فيه ولا شجر أن في بعض النسخ نزاحا بالنون والزاء المعجمة من قولهم ، نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة ، وأورد الحديث في المنتقى ج ٢ ص ٢٠٥ وأوضح صحة طريق الصدوق في الحديث قلت : وكذا طريق الكليني كما قد عرفت غير مرة صحة الحديث من طريق إبراهيم بن هاشم
(٤) التهذيب ج ٤ ص ٢١٦ الرقم ٦٢٦.