أما من الناحية الكبروية ، فإن استعمال صيغة المبالغة لأجل الدلالة على الكثرة والشدة. وأما اسم الفاعل ، فيصدق على المرة الواحدة. فيكون على خلاف المقصود.
وأما صغرويا : فإنه من الواضح أن المراد أن تلك المرأة كانت كثيرة حمل الحطب دائما ، أو في كثير من الأحيان. وهذا يعني :
أولا : إنها كانت تحمل الحطب لإيذاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي تكثر من ذلك لأجل الإكثار من أذيته.
ثانيا : إنها كانت تحمل الحطب كمهنة. أي لتأخذ الأجر عليه ، لا إنها تبيعه وإلّا سمّيت حطّابة. ولم يرد ذلك في القرآن الكريم.
ويمكن ضمّ أحد هذين الوجهين إلى الآخر ، فقد يكون كسبها من حمل الحطب. ولأجل إيذاء الرسول صلىاللهعليهوآله. فهي حطابة من كلتا الجهتين.
سؤال : ما هو مؤدى حمل الحطب؟
جوابه : إن حمل الحطب في الآية يعطي إشعارا بأمرين :
الأمر الأول : إنه يدل على حمل الذنوب والطغيان والعصيان. قال تعالى (١) : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً.) و (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً. خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً). وقال سبحانه (٢) : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ). وقال (٣) : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ).
الأمر الثاني : إن فيه إشعارا أيضا على أن حمل الحطب كان يؤلم الظهر. لأنه ثقيل ـ أولا ـ وفيه وخز ـ ثانيا ـ بل لعله يؤدي إلى الإدماء
__________________
(١) طه / ١٠٠.
(٢) العنكبوت / ١٣.
(٣) النحل / ٢٥.