فكذا الحكمة تدعو «ذو الانتقام» لأن مقتضي الحكمة الانتقام منه. وهكذا.
الأطروحة الرابعة : إنه إنشاء بمنزلة التنبؤ.
فإن قلت : إن التنبؤ يكون للمستقبل. فيدل عليه الفعل المضارع. فلما ذا عبّر عنه بالماضي؟
قلت : هذا الأسلوب متكرر كثيرا في الأسلوب القرآني. وهو تنزيل ما هو مستقبل منزلة ما هو ماض. لعدة أهداف :
أولا : لأهميته.
ثانيا : للتأكيد على وقوعه.
ثالثا : للتأكيد من حدوثه والفراغ منه.
وأما إذا أريد بها الإخبار ، كما هو الأقرب. فهنا وجوه :
أولا : إنها أخبار عن الآخرة ، فيكون بمعنى المضارع ، كما سبق.
ثانيا : إنها أخبار عن الدنيا. يعني أنه قد هلك بنفس فعله باعتبار كونه قد فعل القبيح.
ثالثا : إن الأظهر هو النظر إلى نتائج الفعل. وهو الرسوب في الامتحان الإلهي وهو الهلاك المعنوي الحاصل فعلا. وهو على معنى الفعل الماضي.
وهذه الاحتمالات ، تأتي في كلا الفعلين : تبت يد أبي لهب وتب. وهي في الثاني أوضح.
وفرقه عن السابق : أن في الآخرة عقابه ، وأما في الدنيا فيراد به أحد أمرين :
الأمر الأول : نفس عصيانه. فتبت أي عصت يدا أبي لهب وعصى هو أيضا. فنفس العصيان هو الهلاك. أو يلحظ بصفته علة تامة للهلاك.
الأمر الثاني : أن يراد بالهلاك الأثر الوضعي لإيذاء الرسول صلىاللهعليهوآله وهو يحصل في الدنيا. وهو تعبير آخر عن الفشل في الامتحان الإلهي.