أما في الدنيا فواضح. وأما في الآخرة فله وجهان :
الأول : ما ذكره العكبري بقوله (١) : ويقرأ بالنصب على الحال ، أي تصلى النار مقولا لها ذلك. أقول : الظاهر أن مراده ليس النطق بل الصدق.
الثاني : إنها تحشر إلى جهنم ، وقد كانت في الدنيا حمالة الحطب.
وقوله تعالى : (فِي جِيدِها) : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. وحبل مبتدأ مؤخر. وهي جملة مستقلة بتقدير حرف العطف. أي إنها حمالة الحطب وفي جيدها حبل من مسد. وهذا الواو ، إما أن يكون للعطف أو للحالية.
فإن قلت : إن الجار والمجرور سيتعلق بفعل محذوف تقديره «ستصلى» وهو غير مقبول نحويا. مع العلم أن الجار والمجرور في قولنا : زيد في الدار ، أيضا يتعلق بمحذوف بإجماع النحويين. فلما ذا لا نقبل ذاك المحذوف؟
قلت : إن هذا قابل للمناقشة صغرويا وكبرويا :
أما صغرويا : فإن هناك فرقا بين الجملتين من ناحية التقدير ، فإن التقدير في قولنا : زيد في الدار هو كائن أو مستقر. وهو اسم فاعل إفرادي. بينما التقدير في هذه الجملة من السورة الشريفة ، هو جملة. لأنها «ستصلى» مقدرة. فإذا جاز التقدير في اللفظ الإفرادي ، فإنه لا يعني الجواز في المعنى التركيبي.
وأما كبرويا : فنقول : إنه بالإمكان الاستغناء عن التقدير حتى في الخبر ، كزيد في الدار. فإن الكون والاستقرار مأخوذ بالدلالة الالتزامية من الجار والمجرور. فزيد لا يكون في الدار ، إلّا إذا كان كائنا أو مستقرا فيه. إذن يمكن اعتبار الجار والمجرور بنفسه خبرا بدون تقدير.
__________________
(١) المصدر والصفحة.