ولكن يمكن أن نعقد لها دلالة التزامية على كونها إخبارا عن حصول النصر. وذلك على مستويين :
المستوى الأول : أن يكون إخبارا عن الماضي. أي إن فتح مكة قد حصل. وقد رأيت الناس يدخلون فعلا في دين الله أفواجا. فسبّح ـ إذن ـ بحمد ربك.
المستوى الثاني : أن يكون إخبارا عن المستقبل. أي سوف يحصل ذلك ، وعند ذلك سبح بحمد ربك واستغفره. ونظيره قوله تعالى (١) : (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ. لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ).
ولكن هذا ، إذا فهمنا من النصر والفتح ، المعنى الجزئي. سواء كان حاصلا في الماضي أو يحصل في المستقبل. غير أن الأمر ليس ينبغي أن يكون على ذلك. ومن أهم القرائن على نفي ذلك ما يسمى بأخبار الجري. وهو ما ورد (٢) عن المعصومين عليهمالسلام : إن القرآن حيّ لم يمت ، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار ، وكما يجري الشمس والقمر. ويجري على أولنا كما يجري على آخرنا. فمن هنا لا ينبغي لنا أن نفهم من القرآن الكريم في أي موضع معنى جزئيا. بل يتعين فهم المعنى الأوسع والأهم.
فإذا فهمنا المعنى الكلي ، يعني : أي نصر وأي فتح. فكل نصر وفتح حصل في الماضي أو يحصل في المستقبل فهو سبب لانطباق جواب الشرط بذكر الله وحمده واستغفاره.
وهذا من قبيل التنبؤ ، ولكن ليس تنبؤا جزئيا. ومن أوضح مصاديقها وأعظمها ظهور الإمام صاحب الأمر عجّل الله فرجه. وأنه يملأ الأرض
__________________
(١) الروم / ٢ ـ ٥.
(٢) البحار ج ٣٥ ص ٤٠٤.