حب في داخله. فنحمل معنى الحب على إحدى الحصتين ونحمل معنى العصف على الحصة الأخرى.
ثالثا : إنه بعد التنزل عن الوجه الثاني باختيار القول بأن الحب هو خصوص الحب الصغير ، كالحنطة والشعير ولا يوجد في داخلها حب آخر ولكننا مع ذلك ، يمكن أن نفهم منه : الحب ذو التكسر.
وإذا تكسر الحب ظهر لبه ، أي نفهم من الحب لبه والعصف قشرة. كما يمكن العكس ، وإن كان الأول أرجح على أي حال.
السؤال الآخر : الذي ذكره القاضي عبد الجبار في كتابه (١) :
كيف يصح ذلك ، ولم يكن في الزمان نبي. وهذا من المعجزات العظام؟
جوابه : إنه لا بد من نبي في الزمان يكون هذا الأمر معجزة له. وقد كان قبل نبينا أنبياء بعثوا إلى قوم مخصوصين. فلا يمتنع أن يكون هذا الأمر ظهر على بعضهم. كما روي أنه صلىاللهعليهوآله قال في خالد ابن سنان : ذلك نبي ضيعه قومه. وقال في قس بن ساعدة : إنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة لقلة من قبل عنه. فهذه طريقة الكلام في هذا الباب.
أقول : يمكن أن نقبل نبوة هؤلاء كأطروحة. ولكن ذلك لا يكون جوابا على سؤاله الرئيسي : لكبرى معينة ، وحاصلها : إن النبي يجب أن يكون صاحب معجزة ، بحيث يصدق ، بحسب التسبيب أنه أوجدها بدعاء ونحوه. وكلاهما لم يتسببا إلى وجود تلك المعجزة ، أعني القضاء على الجيش المعادي. فتكون الصغرى مخدوشة ، وإن صحت الكبرى.
إلّا أن الصحيح هو الطعن بالكبرى التي أخذها القاضي عبد الجبار مسلمة ، وهي انحصار حصول المعجزة بوجود النبي. وإنما نحتاج إلى المعجزة لنصرة الحق ، وهو الذي حصل فعلا ، انتصارا للبيت الحرام ، والكعبة المشرفة.
__________________
(١) تنزيه القرآن عن المطاعن ـ ص ٤٨٠.