بعضها ببعض ، أما هنا فيدخل النار بهذا القيد فقط.
ومعه يكون محصل الآيتين أنها ذكرت أمرين ، وليس أربعة :
الأمر الأول : الهمزة واللمزة. فإنهما وإن كانا يختلفان ، ولكنهما يرجعان إلى محصل عرفي واحد. ويكون أحدهما مقيدا بالآخر.
الأمر الثاني : مجموع ما بقي ، وهو قوله : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ ، يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) ، أيضا يكون بعضها مقيدا ببعض.
ثم يأتي المحمول : (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ)؟!.
ولكن هل تكون الصفات أربع أو أنهما صفتان مستقلتان أو هي صفة واحدة ، بعد تقييد الجميع ببعضها البعض؟
جوابه : حسب فهمي وذوقي أنه يقتضي الاستقلالية. وكلها تقتضي النبذ في الحطمة. وبحسب القاعدة أن هذه الأمور متعاطفة بعضها على بعض ، بتقدير تكرار العامل. فيكون المعنى : ويل لكل همزة وويل لكل لمزة وويل لكل من جمع مالا وعدّده. وهكذا ، فلكل منها تهديد مستقل عن الآخر. وهذه أطروحة محتملة ، وإن كان بحسب الظاهر غير ذلك ، لعدم وجود تعاطف ظاهر بل مقدر.
سؤال : إن قوله تعالى : (جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ). ظاهره البدوي على التقليل ، لأنه مقتضى التنكير ، ومقتضى إمكان العد في «عدّده» لأن المال الكثير لا يمكن عدّه عادة ، فهل الذي يخرج ماله عن إمكانية العد يكون ناجيا؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إن (عدّده) ، ليس بمعنى العدّ والحساب. وإنما هو بمعنى أعد من الإعداد. وقد أشار إلى ذلك العكبري في كتابه (١) بمعنى أعده لمستقبله ولمصاعب حياته ، أو لشهواته. فلا يتعين أن يكون المال قليلا ، من هذه الناحية.
__________________
(١) املاء ما منّ به الرحمن ج ٢ ، ص ١٥٨.