بمنزلة المهملة والمهملة بمنزلة الجزئية ، كما قالوا في المنطق ، فكأنه قال : بعض الإنسان في خسر. ولا أقل من الاحتمال المبطل للاستدلال والدافع للإشكال.
إلّا أن هنا غير تام ، أيضا ، لأن احتمال أن يكون مدخولها هو بعض الإنسان ، على خلاف ظاهر القرآن. فسقط الجواب ، ورجعت القضية إلى قضية موجبة كلية ، وليست مهملة.
الوجه الرابع : أن نرجع القضية إلى موجبة جزئية بأحد تقريبين :
التقريب الأول : أن نقول : إن مدخول «ال» ليس هو مطلق الإنسان بل هو مقيد بقوله : إلّا الذين آمنوا ... فيكون ذلك قرينة على أن المراد بعض الإنسان لا كله. وقد سبق الكلام فيه.
التقريب الثاني : أن نقول : إن الألف واللام عهدية وليست جنسية. فيرجع إلى بعض حصص الإنسان.
إلّا أن هذا وحده لا يكفي ، لأن ظاهر الألف واللام ، والأصل فيها هو كونها للجنس ولا يمكن حملها على العهدية إلّا بقرائن حالية أو مقالية مفقودة في الآية.
الوجه الخامس : أن نقول : إن الألف واللام مرددة بين الجنس والعهد ، فلا تتعين للجنس ليثبت الإطلاق.
وجوابه : إنه مبني على أنه لا دليل على إرادة الجنس ، مع أن الدليل موجود. فإن الظهور الأصلي فيها ، هو أن تكون جنسية لا عهدية.
ولكن مع ذلك ، فإن هناك قرائن حالية أو مقالية تقرب كون الألف واللام عهدية ، وهي :
أولا : الإشارة إلى الإنسان المتعارف الذي نراه ونسمعه. قال تعالى (١) : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً). فإن هذا الإنسان متدن عمليا
__________________
(١) الفرقان / ٤٤.