الثاني : قوله تعالى (١) : (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها). وظاهره : الإنسان الذي يخاف من حصول الزلزلة. غير أننا روينا في كتابنا (٢) : ما وراء الفقه ما يدل على أن المراد بالإنسان هنا هو أمير المؤمنين (ع). وهو الإنسان الكامل.
سؤال : إن المستفاد من هذه الآية الكريمة : أن القاعدة هو خسر الإنسان إلّا ما خرج بدليل. مع العلم أن قوله تعالى (٣)(ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ). بالعكس. أعني نجاة الإنسان بمقتضى طبعه ، ولذا تعجبوا من دخولهم في جهنم. فما هو الوجه في ذلك؟
جوابه : إن الأطروحات المحتملة ثلاث :
الأولى : إن الأصل هو الخير. ويكون الشر هو المستثنى والطارئ.
الثانية : الأصل هو الشر ، ويكون الخير هو الطارئ بعمل الصالحات ونحوه.
الثالثة : إن كلّا من الخير والشر أصليان وأساسيان في الخلقة. وأي منهما كان متبعا ، كان هو المسيطر على نتيجة الإنسان.
وهنا نحاول الاستدلال على الأطروحة الثالثة ، لتبرز قيمة الوجهين الأولين ، من الناحية الواقعية. وما يمكن أن يستدل به عدة أمور :
أولا : قوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)(٤). إذا فهمنا الهداية التكوينية لا التشريعية. ويكون المراد : إننا ركزنا في ذاته وفي روحه النجدين ، أي الخير والشر أو قل : الحق والباطل. وما على الإنسان إلّا أن يعصي أحدهما ويطيع الآخر.
وبهذا نجمع بين المضمونين ، فتكون الآية التي ذكرت أن الخير هو المركوز صادقة ، وهو قوله تعالى : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ). وتكون الآية الأخرى
__________________
(١) الزلزلة / ٣.
(٢) ج ١ ، ق ٢ ، ص ٣٢٠.
(٣) المدثر / ٤٢.
(٤) البلد / ١٠.