خسر أو لخسر. مثلا. ولما ذا لم يقل : إن الإنسان خاسر؟
جوابه : إن «في» هنا أبلغ. وذلك لأنه دخل في الخسر والخسر مسيطر عليه. وليس مجرد أنه خاسر أو على خسر. وبتعبير آخر : إن ذلك للتركيز : بأن الإنسان في باطن الخسر ، حقيقة أو مجازا. لكي تكون له الهمة أن يفتقه ويخرج منه.
سؤال : لما ذا استعمل كلمة : خسر نكرة لا معرفة؟
جوابه : إن فيه عدة وجوه من الفهم :
الوجه الأول : أن يراد به الجنس. فكأنه قال : في الخسر. فإن اسم الجنس كالجمع في المعنى.
إلّا أنه لا يتم ، لأنه خلاف الظاهر. لاحتواء الكلمة على تنوين التنكير أو تنوين الوحدة ، وكلاهما ضد معنى الجنس.
الوجه الثاني : أن يراد به خسر إجمالي. لعدم تعيينه. كأنه أراد أن يقول : إن هناك خسر ما سيكون أمامك لا حاجة إلى إيضاحه.
الوجه الثالث : أن يراد به خسر ما حسب الاستحقاق. فإن كل فرد غير صالح يستحق نوعا من الخسر حسب نوعية السوء في عمله. ولكل عامل خسره الذي يستحقه في علم الله.
الوجه الرابع : أن يراد به خسر واحد. ولكنه متشابه ومشترك بين الجميع. وهو خسران النفس. قال تعالى (١) : (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ). وقال (٢) : (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ). وهذا معنى مكرر في القرآن الكريم. وقد انتبه إليه صاحب الميزان قدسسره (٣).
فإن قلت : كيف يخسر الإنسان نفسه. مع أن نفسه لا تزول ولا تتبدل ،
__________________
(١) الأنعام / آية ١٢ وآية ٢٠.
(٢) الأعراف / ٥٣.
(٣) الميزان ج ٢٠ ، ص ٣٥٦.