القرآن في عدد من آياته كقوله تعالى (١)(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ). وقوله تعالى (٢) : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً). وقوله تعالى (٣) : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً).
وإنما الكلام هنا عما إذا كان لكل سورة غرضها الخاص بها ، كجزء من الغرض العام للقرآن ، أو كتطبيق من تطبيقاته ، كما هي جزء منه. أم لا؟
وهذا الغرض واضح في بعض السور بلا شك ، كما في سورة الحمد والتوحيد والكافرون والواقعة ، وغيرها ، إلّا أنه تبقى كثير من السور الطوال وغيرها ، مما لا نفهم منها غرضا محددا.
فإن قلت : إن قوله تعالى (٤) : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) ، يدل على وجود أغراض للسور ، إذ بدونها يكون التفريط متحققا.
قلت : جوابه من جهتين :
أولا : إن ذلك يكفي فيه وجود الهدف لبعض السور دون جميعها.
ثانيا : إن الهدف من السورة قد يكون مختصا بأهله ، وغير مفهوم فهما عرفيا عاما ، الأمر الذي يغلق أمامنا طريقة استنتاجه.
فإن قلت : ألا يمكن أن تكون هداية الناس هي الهدف من كل سورة؟
قلنا : نعم ، فإن هذا هو هدف القرآن ككل ، وإنما السؤال عما إذا كانت هناك أهداف تفصيلية لكل سورة ، زائدا عن ذلك.
وعلى أي حال ، فلا يوجد دليل عقلي أو نقلي على وجود مثل هذه الأهداف لكل واحدة من السور. بل إن بعض الآيات تعرضت إلى معان
__________________
(١) الشعراء / ١٩٣.
(٢) الفرقان / ١.
(٣) النحل / ٨٩.
(٤) الأنعام / ٣٨.