وأما فهم النعيم. ففيه عدة أطروحات :
الأطروحة الأولى : أن المراد نعيم الآخرة ، باعتبار أن الإنسان معاتب يومئذ على النعيم ، ومسئول أنه لما ذا دخل النار ولم يدخل الجنة.
فإن قلت : هذا صحيح من جانب دخوله النار ، فما بال من يدخل الجنة ، هل هو معاتب أيضا؟ فإن لم يكن معاتبا ، كانت القضية خاصة غير عامة.
قلت : بل القضية عامة غير خاصة ، لأن من يدخل الجنة معاتب أيضا ، ومسئول أنه لما ذا لم يختر مقاما أرفع. لأن الكمال لا متناهي فالسؤال لا متناهي. فأينما وصل من الدرجات ، فهو نادم ، لأنه لم يصل إلى المقامات العليا لسوء عمله وتقصيره.
الأطروحة الثانية : ما ورد في بعض الروايات عنهم عليهمالسلام من أن النعيم يراد به ولاية أهل البيت عليهمالسلام. كقوله (١) : إنما يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد. وفي خبر آخر (٢) : تسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليها برسوله ثم بأهل بيته.
الأطروحة الثالثة : ما ذكره صاحب الميزان قدسسره (٣) قال : ظاهر السياق أن المراد بالنعيم مطلقه ، وهو كل ما يصدق عليه أنه نعمة. فالإنسان مسئول عن كل نعمة أنعم الله بها عليه.
أقول : ذلك باعتبار أن الألف واللام للجنس ، في قوله : النعيم. وكل نعيم في الدنيا فلا بد مسئول عنه يوم القيامة. أو يراد به التنعم غير المشروع. وعلى أي حال يراد به السؤال وليس العقاب. فيكون عاما ، لأن السؤال يكون حتى فيما لا عقاب عليه.
الأطروحة الرابعة : أن نفهم أن النعيم مترتب على السؤال ، وأن السؤال
__________________
(١) الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٣٥٤.
(٢) المصدر : ص ٣٥٣.
(٣) ج ٢٠ ، ص ٣٥٢.