ثانيا : يمكن إلغاء معنى المثقال من الآية. لأن المهم هو الأخذ بما يدل على الضآلة وهو الذرة دون المثقال. فيبقى هذا التعبير مجرد تعبير أدبي.
ثالثا : ما ذكره الراغب حين قال (١) : والمثقال ما يوزن به. وهو من الثقل. وذلك اسم لكل سنج (عيار أو صخر) قال تعالى : (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ). وقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
أقول : وهذا معناه أحد أمرين :
١ ـ إن المثقال معنى عام حتى للأوزان الخفيفة جدا ، بحيث لا مانع من مقايسته بالذرة.
٢ ـ إن القرآن قد استعمله في ذلك ولو مجازا.
سؤال : قاله القاضي عبد الجبار (٢) : أليس ذلك يوجب أن الكافر والفاسق إذا فعلا طاعات يريان ثوابهما. وذلك على خلاف قولكم.
جوابه : إنه أجاب عليه بقوله (٣) : إن الخير المستحق على الطاعة هو الثواب. وإنما يستحقه فاعل الخير إذا لم يكن معه معصية أعظم من الطاعة. فأما إذا كانت معاصيه من باب الكفر والفسق فلن يرى ذلك ، لأن الوعد والوعيد مشروط بما ذكرنا في الثواب والعقاب. أقول : يعني إذا لم يكن معه معصية أعظم من الطاعة ، وأما إذا كان كذلك فلا يراه.
وهذا غير تام لأننا إذا افترضنا في مرحلة من التفكير أن الكفار والفاسقين لديهم طاعات إجمالا ـ كما أقرّ به القاضي عبد الجبار ـ فليس من العدل الإلهي أن لا يثابوا بها ولا يروها. لأن ذلك سوف يكون من الحجة على ربه. وحاشاه.
__________________
(١) المفردات مادة : «ثقل».
(٢) تنزيه القرآن عن المطاعن ص ٤٧٤.
(٣) المصدر والصفحة.