أقول : الكتب يعني : الكتابات أو الكتابة نفسها ، كما ورد عنه صلىاللهعليهوآله : تعلم كتاب يهود. وكتاب مذكر كتابة ، وهي تكون في القراطيس والصحف. وحملها على المعنوي أوضح من السياق ، لأن القراطيس لا تكون مطهرة من الشرك والباطل. لأنها فيها كالسالبة بانتفاء الموضوع. والكتب قيمة أي مستقيمة بالعدل والحق ، كما قال ، بل بمضامينها ومعناها. فالمراد هو المعنى عموما.
وعلى أي حال ، فالتلاوة تكون بمقدار يناسب الصحف ، فإن كانت القراطيس حقيقية فالتلاوة حقيقية ، وإن كانت مجازية فالتلاوة مجازية ، كما هنا كذلك.
فإن قلت : فإنه في عالم المعنى لا يبقى فرق بين الصحف والكتابة.
قلت : جوابه من عدة وجوه.
أولا : أن نقبل أنهما بمعنى واحد. ويكون قوله : يتلو راجعا إلى كلا اللفظين. وقد وصف المجموع بكلا الوصفين : مطهرة وقيمة. والتفريق بينهما أدبي لأجل تحسين السياق. فإن تنزلنا عن هذا الوجه صرنا إلى الوجوه التالية التي تلحظ الاختلاف في المعنى.
ثانيا : إن الصحف ناظرة إلى مجموع ما يفيد البشر من الأمور المعنوية. والكتب ناظرة إلى الأقسام والحصص ، كأصول الدين وفروعه.
ثالثا : إن الصحف ناظرة إلى تعدد العوالم ، وكل عالم منها ذو نظام كوني مستقل. والكتب ناظرة إلى تفاصيل العالم الواحد منها.
رابعا : إن الصحف ناظرة إلى اللوح المحفوظ ، حيث يكتب فيه القلم الأعلى. والكتب ناظرة إلى تفاصيله.
فإن قلت : ولكن الصحف جمع اللوح المحفوظ مفرد.
قلت : إن اللوح المحفوظ وإن كان واحدا ، إلّا أنه يمكن لحاظه متعددا