الأنهار في الدنيا ، ولعل حوض الكوثر أحد مصاديقها لو فسرناه بأنه نهر في الجنة. وكذلك ما ورد (١) : من أن فيها نهرا من لبن ونهرا من عسل ونهرا من خمر.
إلّا أن هذا بمجرده لا يتم ، لكونه خلاف الظاهر ، من حيث إن هناك تنافيا جزئيا ، بين كون الأنهار «من فتحتها» أو على وجه الأرض. ما لم يرجع الأمر إلى الوجه الآتي :
الوجه الثالث : يمكن أن تشبه درجات الجنة ومراتبها المتعددة بالعمارات العالية أو ناطحات السحاب. فإن أعطي المؤمن عدة درجات أو طوابق. فإنه يملك حينئذ ما تحتها. فالأنهار يراها تجري من تحته في الجنة ، لأنه ينظر إليها من فوق العمارة. فيصدق عليها حقيقة ذلك ، وإن كانت الأنهار جارية على سطح الأرض.
سؤال : ما هو وجه الجمع في الآية بين خالدين وأبدا. ألا يكفي كونهم خالدين فيها فقط؟
جوابه : من وجهين :
الوجه الأول : ما ذكره في الميزان بقوله (٢) : تأكيد بما يدل عليه الاسم.
الوجه الثاني : إن الخلود أقل من الأبد أي أنه لا يفيد الأزلية. وإنما تستفاد من قوله : أبدا.
فإن الخلود يمكن أن يكون له معنيان في اللغة :
الأول : بقاء شيء من شيء مدة طويلة ، كبقاء الأهرام في مصر ، والكعبة المشرفة في مكة ، وهو لا يعني البقاء الأزلي. لأن الفرع يفنى لا محالة بفناء الأصل.
__________________
(١) انظر تفسير الصافي ج ٢ ، ص ٥٦٤.
(٢) ص ٣٤٠ ، ج ٢٠.