والخوف يمكن أن ينسب إلى متعددين من الناحية الأخروية : كالذنب والنفس والشيطان والآخرة والعذاب والله سبحانه ، وكل منها له درجة من الإعداد له بلا شك. إلّا أن الأمر يرجع بالنهاية إلى سوء الاختيار والمسئولية الأخلاقية. ولذا يقول أمير المؤمنين (ع) : ولا يخافن إلّا ذنبه (١).
ونلاحظ أن ثلاثة منها تقع في علل الذنب وثلاثة في جانب معلولاته. أما التي في طرف العلل : فقصد المعصية والنفس والشيطان. وأما التي تقع في طرف معلولاته فهي : الآخرة وجهنم وغضب الله سبحانه.
والخوف في القرآن الكريم منصوص في جانب المعلولات (خف أن تذنب لكي لا تقع في النتائج) وأما جانب العلل فغير منصوص. ولكنها كلها لها نحو التسبب للخوف. وأول الخيط هو قصد المعصية بسوء الاختيار.
هذا ، ونستطيع أن نفهم معنى العلم من القرآن الكريم. من قوله تعالى (٢) : (عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ). حيث استطاع به أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين في أقل من طرفة عين. فكيف من كان مصداقا لقوله تعالى (٣) : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ). يعني علم الكتاب كله. كما ورد بهذا المضمون عن المعصومين عليهمالسلام.
إن قلت : إنكم نزّلتم قبل قليل من أهمية العلماء لأنهم بالدرجة الثانية من الأربعة في الرواية التي قسمت الخوف إلى أربعة أقسام. وهنا صعدنا بهم إلى درجة عالية جدا.
قلت : هذا صحيح ، إلّا أن العلم إذا كان في مرتبة ثانية لا يعني عدمه في المراحل التي بعدها ، بل هو أولى بالثبوت.
__________________
(١) الخصال ، ص ٣١٥.
(٢) النمل / ٤٠.
(٣) الرعد / ٤٣.