وذكر العكبري معنى آخر حيث قال (١) : في سلام وجهان : أحدهما : هي بمعنى مسلّمة أي تسلم الملائكة على المؤمنين أو يسلم بعضهم على بعض. والثاني بمعنى سلامة أو تسليم. فعلى الأول هي مبتدأ وسلام خبر مقدم.
أقول : والسلام ظرف «أي وقت سلام» ولم يشر إليه لأنه مفهوم ضمنا.
وقال في الميزان (٢) : وقيل المراد به أن الملائكة يسلمون على من مرّوا به من المؤمنين المتعبدين.
أقول : وهو ليس بصحيح ، لأن الملائكة تسلم على من ترسل إليه لا على من تمر به. وعطاؤهم إما السلام أو أنهم يسلمون لهم شيئا من الله سبحانه.
والمعنى الآخر بمعنى السلامة أي التسليم ، أي التسبيب للسلامة. أو قل : إيجاد سبب السلام ، كما يقال : سلمك الله أي أوجد السلامة فيك.
وأضاف العكبري (٣) : حتى متعلقة بسلام أي الملائكة مسلّمة إلى مطلع الفجر. ويجوز أن يرتفع هي بسلام على قول الأخفش (أي المبتدأ المتأخر بالخبر المتقدم). وعلى القول الثاني : ليلة القدر ذات تسليم أي ذات سلامة إلى طلوع الفجر. وفيه التقديران الأولان : (يعني تعلق حتى بسلام وقول الأخفش). ويجوز أن يتعلق حتى بتنزل.
أقول : وفي دعاء الصحيفة السجادية وصف ليلة القدر بأنها : (التي هي من كل أمر سلام). يعني سلام هي من كل أمر. وقد تقدم الجار والمجرور لفظيا في حين هو متعلق بسلام وليس بتنزل كما هو ظاهر العبارة ومسلك مشهور المفسرين.
ويتحصل المعنى من هذا الدعاء ضمن عدة أطروحات :
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٦.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٣٣.
(٣) ج ٢ ، ص ١٥٦.