وأما التفكيك بين مفعول أرأيت واسم كان بأن يكون المفعول هو الناهي واسم كان هو المصلي. فهذا غير محتمل ، فإن وحدة السياق هنا قطعية والضمير يرجعان إلى مرجع واحد.
فمن جملة ما يمكن أن نقول : إن اسم كان ضمير راجع إلى الصالح قطعا. وبوحدة السياق رجع مفعول أرأيت إلى الصالح أيضا. وأما أن نقول : إن اسم كان قد لا يعود إلى الرجل الصالح. فنرجع الضميران إلى الطالح معا. وتبقى وحدة السياق.
وقوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى). فيه إرجاع للضمير إلى أي حد. حتى المصلي إذا حصل منه التكذيب بعد ذلك. ولهذا مبررة ، وهو قوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) فالناهي كلي والمنهي كلي. أو قل إنه ضمير كلي يعود إلى مرجع كلي. فأي إنسان إن كذب فينبغي أن يعلم بأنه تحت إشراف الله ونظره. وهذا معنى راجع إلى الخلق ، وليس إلى البشر فقط.
وقوله تعالى : (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ). جواب لسؤال أو ما هو بمنزلة السؤال. وهو قوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى). جوابه الأول قوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى). والجواب الآخر قوله تعالى : (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ). أو نقول : إنه جواب الجواب ، أو نقول : إنه صعود في الجواب وتشديد في التهويل ، فالله تعالى لا يراه فقط ، بل ينزّل عليه بلاء وعقوبة في الدنيا والآخرة.
والمعنى لئن لم ينته عن عمله ، وهو نهيه للمصلين ، فسوف نعاقبه ... لنسفعا بالنّاصية.
وهناك نحو من التشابه بين مادتي النهيين ـ قلما يلتفت إليه ـ فهو يجب أن ينتهي عن النهي عن الصلاة. أو عن مطلق العصيان ، بعد التجريد عن الخصوصية في النهي والصلاة معا.
ومتعلق النهي هنا غير مذكور. (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) عن أي شيء؟ بل يراد