الموسوس لا الموسوس له. وهو ينطبق على أحد المعاني التي ذكرناها.
وقال (١) : وقيل هو بدل من الناس أي في صدور الجنة ... وقيل (من الجنة) حال من الناس.
أقول : يكون المعنى أنه يوسوف في صدور الناس من الجنة والناس. إما بمعنى كون الناس موصوفين بكونهم من الجنة والناس. وإما أنه بدل من الجنة والناس ، أو حال كونهم من الجنة والناس. فذلك كله محتمل. ومعناه : إنه سبحانه سمى الجن ناسا ، كما سمى الناس ناسا ، أعني البشر. وذلك لا ضير فيه ، كما سمّاهم نفرا ورجالا.
وقال العكبري أيضا (٢) : وأطلق على الجن اسم الناس لأنهم يتحركون في مراداتهم. والجن والجنة بمعنى.
أقول : وهذا يعني بلغتنا الحديثة أمورا. منها :
أولا : إنهم ذوات عاقلة ومختارة.
وثانيا : إنهم أيضا ينقسمون إلى ذكور وإناث ، بحسب النقل الأكيد. كما إنهم يعيشون ، بالتقريب لا بالتحديد ، مثل معيشتنا.
فإذا كان الأمر كذلك ، فهم (رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ)(٣) وليس النساء من الجنسين.
والحق أن الاستعاذة ليست بشيء من الخلق ، بل بالخالق جلّ شأنه. لأن الاستعاذة بالخلق نتيجتها الفشل (فَزادُوهُمْ رَهَقاً)(٤) وكذلك الاستعاذة بالجن ، بل بأي مخلوق. فإن من استعاذ بغير الله فإنه يوكل إلى من استعاذ به. ويفشل بطبيعة الحال ، لأنه لا يملك لنفسه دفعا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وإنما (أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ) ،
__________________
(١) المصدر والصفحة.
(٢) المصدر والصفحة.
(٣) الجن / ٦.
(٤) الجن / ٦.