ثالثا : إنها أغلب من غيرها باعتبارها أكثر مصادفة للإنسان.
رابعا : إنها أسباب الشر ، فيكون سبب الشرّ شرّا. وهذا أوفق بالسياق فتكون الاستعاذة من شر الخلق ومن شر سبب الشر ، وهي الليل والحسد والسحر ، فتكون الاستعاذة من العلة والمعلول معا.
سؤال : ما هو الوجه في تقييد «غاسق» ب «إذا وقب»؟
جوابه : لأن الليل إذا لم يدخل ، فلا وجود له. ومن ثم فلا وجود للشر الناتج عنه. والاستعاذة ليست من ذات الليل ، بل من الشر الحاصل فيه أي بعد دخوله. وبحسب التعبير الأدبي : هناك صورة متحركة : ضوء ثم ظلام ، نهار ثم ليل.
سؤال : ما هو الوجه من استعمال غاسق ووقب بالخصوص دون : مظلم ودخل ، اللذين هما بنفس المعنى؟
جوابه : إن كلا اللفظين (يعني غاسق ووقب) يدلان على الشدة. فالأول يدل على شدة الظلام والثاني يدل على شدة الدخول ، وفي الآية إشعار واضح بذلك. كأن الليل يدخل على حين غفلة ويسيطر ولا يكون الفرد مستعدا للتلافي والدفع. ومن الواضح أن الليل غالبا ليس كذلك. وهذا بنفسه يكون قرينة على احتمال أن يكون المراد أمرا آخر غير الليل. فإنه ذكر الظلمة والغاسق. ولم يذكر الليل. ومشهور المفسرين أخذوا الجانب المادي أو الدنيوي في الآية. والذي ينبغي أن يفهم أن الظلام قد يكون منهما ومن الدخول ما يكون مؤلما. ومن هنا تكون عدة أطروحات لفهم الغاسق ودخوله ، بشكل ينحفظ فيه سياق الآية :
الأطروحة الأولى : أن نفهم من الغاسق : الليل وما فيه من وحوش ووحشة ولصوص وأمراض وحوادث ، مع قلة إمكانية الفرد في الدفع ، وانقطاعه عن الناس ، أو كونه نائما لا يعي أصلا.
الأطروحة الثانية : ظلام النفس والقلب ، فإنه منتج لكثير من البلايا ، كالعصيان والأنانية وعدم سماع الموعظة والأمر بالمعروف.