التسبب لإضعافها وإزالتها.
الأطروحة الثالثة : العقد هو السلوك الصالح للإنسان ، وهو الاعتياد على طاعة الله سبحانه. والنفث فيه هو محاولة إفساد ذلك وتبديله.
الأطروحة الرابعة : العقد هو السلوك الطالح للإنسان أو الحال السيئ له دنيويا وأخرويا. والنفث فيه هو معاونته ومحاولة زيادته (١).
فإن قلت : فإنك قلت في جانب الخير إن النفث هو التسبيب إلى نقصانه. وفي جانب السوء إن النفث هو التسبيب إلى زيادته.
قلت : أولا : إن هذا هو معنى الشر المنصوص عليه في الآية. إذ من الواضح أن النفث الذي يزيد في الخير وينقص من الشر ، ليس شرّا بل هو خير.
ثانيا : إننا وإن سلمنا شموله لمثل ذلك ، وهو خير ، إلّا أنه قد تحصل منه مضاعفات. باطنية أو دنيوية أو أخروية قليلة أو كثيرة ، كتحميلنا قوة الطاعة من الأمر بالمعروف ونحوه. فسيعاذ من شره.
الأطروحة الخامسة : العقد هو عقد الصداقة والعهود بين الأشخاص أو المجتمعات. والنفث فيه هو التسبب إلى إزالته. وقد لا يكون في زواله مصلحة ، كما هو الغالب.
__________________
(١) فالتقسيم يكون على أحد شكلين :
أحدهما : إن صفات الإنسان إما صالحة وإما طالحة.
ثانيهما : إن صفات الإنسان إما ظاهرية وإما باطنية ، أي (الملكات الحسنة والملكات الرديئة ، فتكون معاني العقد أربعة حاصلة من ضرب ٢+ ٢).
والمراد بالملكة الصفة الراسخة في النفس فنعبر عنها مجازا بالعقدة ، لأنها صعبة الانفكاك ومنها العقد النفسية (باللغة الحديثة) وكذلك يمكن أن نسمي سلوك الإنسان (عقدة) إذا كان ملتزما به ويمثل شخصيته وحياته. شرا كان أو خيرا فالسلوك بمنزلة المعلول والملكات بمنزلة العلة أي أن الملكات الحسنة تنتج سلوكا حسنا والملكات السيئة تنتج سلوكا سيئا. فالنظر يكون إما من جانب العلة وإما من جانب المعلول وكله من سنخ العقد لترسخه وقوته.