ولو مات العامل ولم يعرف بقاء مال المضاربة بعينه صار ثابتا في ذمته ، وصاحبه أسوة الغرماء على إشكال ،
______________________________________________________
قوله : ( ولو مات العامل ولم يعرف بقاء مال المضاربة بعينه صار ثابتا في ذمته ، وصاحبه أسوة للغرماء على إشكال ).
يحتمل أن يكون الإشكال في أصل الضمان ، وهو الذي فهمه الشارحان (١) ، ومنشؤه حينئذ من أنّ الأصل بقاء المال الى أن يعلم تلفه بغير تفريط ، والفرض أنّه لم يعلم ، ولعموم : « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » (٢).
لكن إن تم هذا الوجه وجب أن يقدّم صاحب مال المضاربة على الغرماء ، لأنّه ليس بدين يكون محله الذمة ، وإنّما الذي يقتضيه سوق هذا الدليل بعد تمامه أن يكون في جملة ماله ولم يعلم عينه ، فيكون مالكه كالشريك.
ومن أنّه أمانة ، والأصل عدم التفريط فلا يكون مضمونا ، والأصل براءة الذمة أيضا ، ولم يوجد بعينه ولم يعلم كونه في جملة التركة ، والأصل عدمه. وأصالة بقائه لا تقتضي كونه من جملتها ، فلا يستحق صاحبه شيئا من التركة.
ويحتمل أن يكون الإشكال في كون صاحبه أسوة الغرماء ، أو يقدّم بقدر المال ، وهو المتبادر الى الفهم من عبارة الكتاب ، ومنشؤه من أصالة بقائه ، فإذا لم يعلم عينه كان صاحبه كالشريك.
ومن أنّ العامل يصير ضامنا بترك الوصية ، فإذا لم توجد العين كان ذلك بمنزلة التلف ، إذ لا أقل من أن يكون الضمان للحيلولة فيصير صاحبه من جملة الغرماء.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٣٢٩.
(٢) سنن البيهقي ٦ : ٩٥ ، مسند احمد ٥ : ٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٢ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٤٧ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٦٨ حديث ١٢٨٤.