ارتضاها الأصحاب واستثنوها بالخصوص ـ كما ترى ، على أن أكثرها لم يتعرض لها الأصحاب في كتب الفقه ، وما تعرضوا له كالغفيلة ربما شكك فيها بعضهم ، على أن خلو هذه الأدلة وغيرها ـ مع تعددها وكثرتها عن الإشارة بوجه من الوجوه إلى التخصيص ، وانه مستثنى من تلك الكلية ـ أكبر شاهد عند الفقيه الماهر على عدمه وعدم إرادة المنع من هذا النهي والنفي ، خصوصا مع عدم صراحة شيء مما ذكر في أدلة المنع فيه كي يرتكب لأجله أمثال ذلك ، إذ هو ليس إلا أخبار (١) الذراع والذراعين المتقدمة في نوافل الزوال التي لا صراحة فيها في الحرمة ، لاحتمال كون التقدير لرفع الكراهة ، وللجمع بين فضيلتي الفريضة والنافلة ، ومفهوم قوله في بعضها (٢) : « فان لك » إلى آخره. مع أنه ضعيف جدا يمكن إرادة الرخصة المجردة عن تفويت فضيلة أول وقت الفريضة وعن المرجوحية منه ، وإلا بعض النصوص المتقدمة في ركعتي الفجر التي قد عرفت معارضته فيها بما هو أقوى منه ، وأنه لم يفت به هناك إلا النادر ، بل هي عند التأمل الجيد شاهدة للمختار هنا ، ضرورة موافقة مضمونها للنصوص المذكورة هنا حتى في معظم الألفاظ كقوله عليهالسلام (٣) : « لا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة » وغيره من أمر المقايسة ونحوها ، والفرض إرادة الكراهة منها هناك حتى من الخصم ، إذ لم يحك الفتوى بها إلا من الإسكافي والشيخ ، بل قد عرفت أن الطباطبائي نفي الخلاف هناك أصلا ، فليكن المراد الكراهة هنا كذلك.
ومنه يعلم حال استدلالهم هنا بالمروي (٤) عن حبل المتين وغيره الموصوف
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ و ١٨ و ١٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة وليس فيه لفظة « فان ».
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٦ من كتاب الصلاة.
(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.