والسلام ونحوها ، بل عن ابن إدريس الجزم بعدم وجوب الرد بغير ما سمعته منه ، وتبعه في ذلك في الحدائق ، إلا أنه حصر وجوب الرد في الأربعة التي ذكرناها ، قال : لأنه القدر المعلوم من الأخبار ، والحكم باشتغال الذمة يحتاج إلى دليل قاطع ، وليس فليس ، وصدق التحية عرفا مقيد بالأخبار ، إذ الحكم شرعي لا عرفي ليكون مناطه العرف ، قلت : لم أجد في النصوص ما يقتضي التقييد ، والحكم الشرعي معلق على التحية والسلام الصادقين على ذلك عرفا كما عرفت.
نعم لو كانت التحية بلفظ الصباح والمساء ونحوهما مما ليس بسلام اتجه عدم وجوب الرد ، للأصل وعدم صدق التحية والسلام ، ولو رد عليه بلفظ السلام ونحوه مع قصد الدعاء جاز ، بل وإن ضم اليه مع ذلك قصد الرد ، لعدم خروجه به عن القصد الأول ، أما لو قصد الرد خاصة بطلت صلاته ، خلافا لمحتمل البيان وظاهر المسالك ، قال فيها : « ولو قال : سلام عليك جاز الرد بمثله والمعهود أي سلام عليكم ، ولو سلم بغير ذلك كما لو عكس أو عرف السلام أو غير ذلك لم يتعين الرد بلفظ السلام ، وهل يجوز إجابته؟ قيل : لا إلا أن يقصد الدعاء ويكون مستحقا ، والأجود الرد عليه بالدعاء أو بالسلام المعهود ، لكونه تحية عرفا كتحية الصباح والمساء » وفيه نظر من وجوه ، أحدها ما عرفته من عدم وجوب رد التحية بالصباح والمساء وفيه نظر من وجوه ، أحدها ما عرفته من عدم وجوب رد التحية بالصباح والمساء الذي لا دليل عليه بعد أن عرفت أن المراد من التحية السلام ، ثانيها حصره وجوب الرد بلفظ السلام في الصيغتين المزبورتين ، إذ هو مناف لإطلاق النصوص والفتاوى ، بل وصريح صحيح محمد بن مسلم (١) السابق المشتمل على التسليم بالمعرف ، ثالثها ما سمعته من البحث في التحية بعليكم السلام التي أشار إليها بالعكس ، رابعها قد يمنع عليه التخيير في رد سلام عليك بين المثل والسلام المعهود ، لظهور المثل بخلافه ، وما عن الروض ـ من أنه لا يقدح
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب قواطع الصلاة ـ الحديث ١.