غير صالح لإثبات ذلك سندا أو دلالة مع فرض قطع النظر عن الإجماع المزبور.
والتحقيق أن البطلان بالفعل الكثير إنما هو لفوات الموالاة بين الأفعال به ، ولعله المراد بمحو الصورة المذكور في كلام غير واحد من الأصحاب ، بل هو مراد الفاضلين ومن تبعهما من الشهيدين وغيرهما فيما عللوا البطلان به من أنه يخرج المصلي به عن كونه مصليا ، وزاد في المحكي من المقاصد العلية ويخيل للناظر أنه معرض عن الصلاة بل قيل : إنه اقتصر على ذلك في الموجز الحاوي والميسية ، واستجوده في كشف الالتباس ، وحكاه في التذكرة عن بعض العامة في تفسير الكثرة ، وهو مشعر بعدم رجوعه إلى الخروج عن الصلاة الذي علل به أولا ، ولعله كذلك ، ضرورة أعمية تخيل الناظر الاعراض من الخروج عن وصف الصلاة ، إذ قد يتخيل الناظر الاعراض لغلبة خلو أحوال الصلاة عن بعض الأفعال في أثنائها من المشي ونحوه وإن كانت قليلة أو لغير ذلك ، والمراد بالخروج أن يكون في نفس الأمر خارجا عن وصف الصلاة مع الاطلاع على حاله ، لا أن الحكم بأنه غير مصل لاشتباه من الحاكم في ذلك ، ووجه البطلان حينئذ معه عدم تحقق الامتثال معه ، واليه يرجع المحكي عن السرائر من أن الكثير ما يسمى في العادة كثيرا مثل الأكل والشرب واللبس وغير ذلك مما إذا فعله الإنسان لا يسمى مصليا بل آكلا وشاربا ولا يسمى في العادة مصليا ، فهذا تحقيق الفعل الكثير الذي يفسد الصلاة ، ويورد في الكتب في التروك وقواطع الصلاة ، فليلحظ ذلك.
قلت : يظهر منه أن المراد بالكثرة التي يرجع فيها إلى العادة ما أخرجت المصلي عن كونه مصليا ، فلعل مراد جميع من صرح بالرجوع في الكثرة إلى العادة ذلك أيضا وهم الأكثر من أصحابنا ، بل في التذكرة نسبته إلى علمائنا في مقابلة الشافعية ، قال فيها :
لأن عادة الشرع رد الناس فيما لم ينص عليه إلى عرفهم ، لكن ربما خدش ذلك بأنه فرع تعليق الحكم في النص على الكثرة حتى يرجع فيها حينئذ إلى العرف والعادة وليس ،