بهذا الشرط عدم خلو شيء من أفعال الصلاة منه كان المتجه التفصيل بين ما يمكن تداركه لعدم البطلان بزيادته سهوا أو لا ، فيتلافى الأول إن لم يكن قد دخل في ركن ، وإلا قضاه إن كان مما يقضى ، وإلا سجد للسهو خاصة ، وتبطل الصلاة في الثاني ، ولو سلم أن جميعها مما لا يتلافى بفواته أصلا كان المتجه أيضا وجوب إعادتها في الوقت وخارجه لا الوقت خاصة ، فظهر حينئذ أنه لا وجه لهذا التفصيل حتى في غير الفاحش من الالتفات أيضا : أي ما بين المشرق والمغرب ، لما عرفت من الاجتزاء بما يقع معه سهوا تنزيلا لما بين المشرق والمغرب منزلة القبلة ، فلا يحتاج إلى تدارك أصلا فضلا عن إعادة ما صلاة في الوقت ، فتأمل.
هذا كله في الالتفات مختارا ولو سهوا ، أما إذا كان مكرها عليه فلا يخلو إما أن يكون مع ذلك مقصودا له ويعد أنه من أفعاله كما لو جبره شخص على أن يلتفت في الصلاة أولا ، وسيجيء البحث في الأول في الكلام ، لأن جماعة من الأصحاب تعرضوا له فيه ، وهما من واد واحد ، وأما الثاني وهو الذي ألفته ملفت من غير اختياره فقد يشك في شمول النصوص له بإمكان ظهورها خصوصا المعبر فيها بالأفعال لا المصدر ، بل هي قرينة على المراد في غيرها في الالتفات الذي هو فعل المكلف لا نحو الفرق الذي هو من الأفراد النادرة ، لكن قد يقال : إنه وإن كان كذلك بالنسبة إلى أدلة المانعية إلا أنه قد يتجه البطلان من حيث فوات الشرط الذي يمكن منع ظهور ما دل عليه في غير الفرض ، فيستقبل الصلاة من رأس ، بل لو فرض ضيق الوقت وأمكن تكليفه بالقضاء ، ولا ريب في أنه أحوط إن لم يكن أقوى ، خصوصا بعد ما ذكرناه في الناسي إذ أقصى ما يقال : إنه ملحق به ، وقد عرفت الإعادة فيه وقتا وخارجا ، نعم يخالفه فيما بين المشرق والمغرب ، ولعلنا نقول به هنا بناء على شمول تلك الإطلاقات لمثله ، فيتحد الحكم فيهما حينئذ من كل وجه ، فتأمل جيدا ، والله أعلم.