المراد إمكان تحصيل الجمعة في سفره كما هو واضح ، وقد عرفت إمكان كونه ليس من التخصيص على تقدير الوجوب ، أو أنه لا بأس به ، وأما احتمال عدم عده من المسافة فلا ريب في ضعفه ، ضرورة أن الوجوب عليه لا ينافي ذلك وإن تكلف له الأستاذ الأكبر في شرحه ، هذا كله في غير الواجب المضيق من السفر والمضطر اليه على وجه تسقط له الجمعة كما أومأ اليه خبر النهج (١) أما المندوب فكالمباح.
نعم قد يقال بزوال الكراهة عنه التي أشار إليها المصنف بقوله ويكره بعد طلوع الفجر ونحوه غيره ، بل لا خلاف أجده فيه ، بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا وأكثر أهل العلم ، بل عن الخلاف والغنية وغيرهما الإجماع عليه ، وقال الهادي عليهالسلام (٢) في خبر السري : « يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة ، فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به » وعن الرضا عليهالسلام في المحكي عن الكفعمي (٣) « ما يؤمن من يسافر يوم الجمعة قبل الصلاة أن لا يحفظه الله ولا يخلفه في أهله ولا يرزقه من فضله » والنبوي (٤) المروي عن رسالة ثاني الشهيدين « من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكان أن لا يصاحب في سفره ولا يقضى له حاجته » قال : « وجاء رجل إلى سعيد بن المسيب يوم الجمعة يودعه فقال : لا تعجل حتى تصلي فقال : يفوتني أصحابي ثم عجل فكان سعيد يسأل عنه حتى قدم قوم فأخبروه أن رجله انكسرت ، فقال سعيد : إني كنت لأظن أنه يصيبه ذلك » وروي « أن جبارا كان يخرج في يوم الجمعة لا يمنعه مكان الجمعة من الخروج فخسف به وببغلته ، فخرج الناس وقد دحيت بغلته فلم يبق منها إلا أذناها وذنبها » وروي « أن قوما خرجوا في
__________________
(١) و (٢) و (٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ ـ من أبواب صلاة الجمعة ـ الحديث ٦ ـ ١ ـ ٥
(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة ـ الحديث ٢.