الفردين لا في مثل الفرض ، خصوصا مع كون الإبهام عارضيا ناشئا من العوارض ، فالأصل وإطلاق أدلة الوجوب كاف في ثبوته في هذا الحال ، وفي كونه تبليغا يصح معه التكليف ، كما يكشف ذلك عدم تقبيح العقل فرض وقوعه من الشارع مع المصلحة الداعية إلى عدم بيان الخصوصية للمكلف.
ولا يذهب عليك أن المقام ليس مما دار بين الوجوب وعدمه كي يتمسك فيه بأصل البراءة وإن كان هو كذلك بالنسبة إلى كل من الفردين ، بل هو من الشبهة المحصورة التي لا يشملها أدلة أصل البراءة كما حرر في محله ، ولا ينافي ذلك معلومية تعين الظهر عليه لو أخر حتى فات وقت الجمعة ، إذ أقصاه دوران الأمر بين فردين أحدهما مضيق والآخر موسع ، فلا يقين بالبراءة إلا بفعل المضيق في وقته والموسع على توسعته فلو أخر حتى فات وقت الجمعة وتعين عليه الظهر لم يحصل له اليقين بالبراءة من الشغل الحاصل بأول الزوال وإن كان يبرأ من الشغل بعد فوات وقت الجمعة بفعل الظهر.
وإن كان تردده بين الوجوب التخييري والحرمة قاطعا بنفي غيرهما فلا ريب في أن الأحوط له الترك ، لأنه طريق السلامة في الفرض ، بل لا يجوز له الاقتصار على الجمعة قطعا ، لعدم تيقن الفراغ بفعلها في الفرض ، بل قد يشكل أصل جواز الجمع بينها وبين الظهر بعدم ما يقتضي رفع حرمة التشريع التي يكفي فيها عدم ثبوت المقتضي حتى الاحتياط ، فإنه بالترك كما عرفت لا بالفعل ، ففعلها حينئذ لا يمكن أن يكون له وجه تقرب ينوى ، واحتمال الأمر بها تخييرا غير كاف كما هو واضح.
وإن كان تردده بين العيني والتخييري على الوجه السابق فلا إشكال في أن الاحتياط بفعلها ، لأن به يقين البراءة في الفرض ، بل لا يجوز له الاقتصار على الظهر لعدم حصول يقين البراءة به ، بل قد يشكل جواز فعل الظهر بما سمعته في سابقه. وإن كان تردده بين العيني والتخييري والحرمة فالظاهر أنه كالأول يجب فيه