إطلاق الأصحاب في محله ، وأن له التلبس بالجمعة مع العلم بأن هناك جمعة تقع فضلا عما لو لم يعلم.
ثم إن تعين السابقة منهما اختصت بالحكم بالصحة ، وإلا فلا ، وليس لكل منهم التمسك بالأصل في صحة صلاته بالخصوص حيث لم يعلم السابقة بعينها وإن كان لا يقدح العلم ببطلان إحداهما في إجراء الأصل بالنسبة إلى تكليف كل منهما ، كالصلاة في الثوب المشترك ، إلا أن من الواضح عدم صلاحية الأصل لتعيين السابقة ، ضرورة اقتضاء أصالة تأخر كل منهما عن الأخرى الاقتران ، إلا أنه لما كان هو حادثا أيضا فالأصل عدمه ، ولذا لم يحكم به أحد من الأصحاب عند الاشتباه ، على أن الفرض هنا سبق إحداهما ، كما أنهم لم يلتفتوا أيضا هنا إلى العلم بالتاريخ والجهل ، وأن مجهول التاريخ يحكم بتأخره عن معلوم التاريخ ، لما أوضحناه في محله من أن الأصل لا يصلح لإثبات صفة التقدم على آخر والتأخر عنه ، إذ هو يقضي بتأخر الشيء في نفسه لا عن آخر بالخصوص ففي المقام الذي فرض فيه معلومية سبق إحداهما لا على التعيين لا يصلح الأصل لاستخراجه ، ويبقى مجملا ولا يحكم ببراءة ذمة أحد منهما بالخصوص.
نعم لا يسقط الحكم الذي لا يعتبر فيه التعيين ، كعدم صحة عقد جمعة أخرى في هذا المكان ، ضرورة ابتنائه على حصول جمعة صحيحة ، والفرض حصولها ، فالواجب حينئذ عليهم إعادة الجمعة مع بقاء الوقت وإمكان التباعد عن ذلك المكان بمقدار المسافة ومع عدم التمكن يعيدون ظهرا ، واليه أشار المصنف بقوله ولو لم يتحقق السابقة ولو لاشتباهها بعد المعلومية أعادا معا ظهرا بل هو المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا ، بل عن غاية المرام نفي الخلاف عنه ، ولعله كذلك بين من تأخر عن الشيخ ويحيى بن سعيد ، إلا أنه ينبغي تقييده بما عرفت من عدم إمكان التباعد ، كما أنه ينبغي تقييد إطلاق الشيخ ويحيى بن سعيد إعادة الجمعة فيه بما عرفت ، إذ دعوى وجوبها