الصحة فيها محققا والمانع غير معلوم ، فلا يصح حينئذ انعقاد الثانية ، لعدم اجتماع جمعتين صحيحتين في المكان المفروض ، فليس اشتراط السبق فيها حينئذ على حسب الشرائط الثابتة بنص خاص حتى يحتاج إلى إحرازها في نية التقرب التي يكفي فيها ظاهر الأمر وعدم العلم بسبق جمعة أخرى ، ولا منافاة بين توقف الحكم بصحة الجمعة المخصوصة على العلم بسبقها وبين صحة الإقدام على التلبس بها لظاهر الأمر وعدم العلم بسبق أخرى ، وكأنه لا مفر للخصم مما ذكرنا فيما لو فرض مانع من حضور كل من الجماعتين مع الأخرى ومن تباعدها ، واحتمال التزامه بسقوط الجمعة حينئذ يدفعه أنه إسقاط للفرض بلا مقتض ، بل ظاهر الإطلاقات وغيرها خلافه ، فلا مناص حينئذ في هذا الحال عن صلاة الجمعة وجمع الظهر معها إذا لم يتبين له الحال ، وندرة الاقتران تدفعه ، مع أصالة عدمه أيضا ، فتأمل جيدا.
وأولى من ذلك في الصحة ما لو علم بسبق جمعته ، إذ دعوى نهيه عن التلبس ووجوب اجتماعه مع الأخرى ، وتواطئهم على الجمعة ، سواء كانوا عالمين بالجمعة أولا ، معذورين في عدم المجيء أو التباعد أولا لا دليل عليها من نص أو إجماع ، ونفي الصحة عن مجموع الجمعتين في الخبرين المزبورين (١) أعم من ذلك قطعا ، بل لو أريد منه النهي كان مختصا بالمتأخر ، لأنه به يحصل تعدد الجمعتين ، فيجب حينئذ عليهم السعي إليها ، ومع فرض المانع تعين الظهر ، ومع عدم علم كل منهم بالسبق فالأصل براءة الذمة من تعين حضور أحدهم مع الآخر ، لأن الفرض التساوي ، ويقين البراءة يحصل بجمع الظهر مع الجمعة ، ووجوب تحصيل الجمعة الصحيحة أولا يحصل بالمبادرة إلى فعلها ، لأصالة عدم جمعة في وقت الفعل ، فهي صحيحة بحسب الظاهر حتى يعلم وقوع جمعة أخرى ، فيحتاج حينئذ إلى معرفة السبق ، فان لم يعرف صلى الظهر كما ستعرف الحال مفصلا ، فظهر أن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة.