الدليل يتمشى هنا ، إلا أنه يحتاج إلى القائل ، ولعل السر في عدم وجوبها حال الغيبة مطلقا بخلاف الجمعة أن الواجب الثابت في الجمعة إنما هو التخيير كما مر ، أما العيني فهو منتف بالإجماع ، والتخييري في العيد غير متصور ، إذ ليس معها فرد آخر يخير بينها وبينه ، فلو وجبت لوجبت عينا ، وهو خلاف الإجماع ، لكن ومع ذلك كله وسوس سبطه في المدارك في ذلك وتبعه عليه غيره ، وناقش فيما دل على اشتراط الإمام في الوجوب إلى أن قال : « لا منافاة بين كون الوجوب في الجمعة تخييريا وفي العيد عينيا إذا اقتضته الأدلة ، وبالجملة فتخصيص الأدلة الدالة على الوجوب بمثل هذه التمحلات لا يخلو من إشكال ، وما ادعوه من الإجماع فغير صالح للتخصيص ، لما بيناه غير مرة من أن الإجماع إنما يكون حجة مع العلم القطعي بدخول قول الامام عليهالسلام في أقوال المجمعين ، وهو غير متحقق هنا ، ومع ذلك فالخروج عن كلام الأصحاب مشكل ، واتباعهم بغير دليل أشكل » وهو كما ترى.
وأما الثاني فقد سمعت صحيح الحلبي (١) المكتفي فيه بالخمسة ، لكن عن ابن أبي عقيل ذهب إلى اشتراط السبعة هنا مع أنه اكتفي في الجمعة بالخمسة ، والظاهر أنه رواه ، لأنه قال في المحكي عنه : لو كان إلى القياس لمكانا جميعا سواء ، لكنه تعبد من الخالق سبحانه ، ولم نقف على روايته ، والاعتماد على المشهور للصحيح المزبور المعتضد بإطلاق أدلة الوجوب وغيره.
وأما الثالث فستعرف الكلام فيه ، كما أنك عرفت الكلام في الرابع ، والأمر في ذلك كله سهل.
إنما الكلام في الخطبتين ، وظاهر المتن وغيره ممن اعتبر فيها شرائط الجمعة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة العيد ـ الحديث ١.