لاطلاق ما دل (١) على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة إطلاقا ظاهرا في تناول المخطئ بالاجتهاد والناسي وغيرهما ، بل بعضها (٢) ظاهر فيما يشمل العمد وإن وجب الخروج عنه بالأدلة الأخر المعارضة له المتقدمة في محلها ، ولولا الإطلاق المزبور لاتجه فيه وجوب الإعادة أيضا وقتا وخارجا ، وحينئذ لا يجب عليه استئناف ما فعله من الأجزاء أركانا أو غيرها حال السهو ، ضرورة اقتضاء تنزيل تلك الجهة منزلة القبلة حال السهو الاجتزاء بها.
ومما ذكرنا يعلم حال المبطل من الالتفات بالوجه ، لعدم ظهور الفرق بينه وبين الكل في جميع ما تقدم ، كما أنه منه يعلم كثير خبط في المقام للخبط في الموضوع حتى ما في المدارك فإنه بعد أن مال إلى مساواة الوجه للكل في البطلان بمطلق الالتفات به كفخر المحققين قال : « هذا كله مع العمد ، أما لو وقع سهوا فان كان يسيرا لا يبلغ حد اليمين واليسار لم يضر ، وإن بلغه وأتى بشيء من الأفعال في تلك الحال أعاد في الوقت ، وإلا فلا إعادة » ضرورة خروجه عن مقتضى النصوص والفتاوى ، سواء أراد الوجه خاصة منه أو ما يشمله والكل ، ولم أجد من وافقه عليه أو سبقه اليه إلا الكاشاني فيما حكي من مفاتيحه ، وفيه أنه لا مدخلية لإتيان شيء من الأفعال وعدمه ، ضرورة كون الالتفات من القواطع للصلاة ولو باعتبار فوات شرطها الذي هو الاستقبال ، ومن المعلوم أن شرائط الصلاة ليست كشرائط أجزاء الصلاة من الطمأنينة ونحوها ، فمتى انتفى في حال من أحوال الصلاة سواء قارنه فعل شيء من أفعالها أو لا بطلت ، لفوات الشرط بحصول المانع ، وليس في الصلاة زمان يصدق على المكلف فيه أنه ليس في صلاة ، ولا ينافيه وقوع بعض الأفعال التي ليست من الصلاة في أثنائها ، على أنه لو سلم كون المراد
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ١ و ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٢.