كما اعترف به غير واحد ، ومن هنا جعل المدار في المدارك تبعا لأستاذه في الكثرة على محو صورة الصلاة وعدمه ، قال فيها : « لم أقف على رواية تدل بمنطوقها على بطلان الصلاة بالفعل الكثير ، لكن ينبغي أن يراد به ما تنمحي به صورة الصلاة بالكلية كما هو ظاهر اختيار المصنف في المعتبر اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع الوفاق ».
قلت : لا يخفى عليك أن إرادة مطلق ما يحصل به المحو وإن قل من الكثرة موقوف على اصطلاح جديد ، والمعلوم عدمه ، وما في المنتهى ـ « كلما ثبت أنهم عليهمالسلام فعلوه أو أمروا به فهو من حيز القليل » وفي كشف اللثام « رب كثير في العدد لا يسمى في العرف كثيرا كتحريك الأصابع للعد أو غيره ، واحتمل الإبطال في التذكرة ورب فعل واحد يحتمل عده كثيرا في العرف كالوثبة الفاحشة ، ولذا استشكل فيه في التذكرة ونهاية الأحكام » ـ يجب صرفه إلى غير ذلك ، وإلا كان محلا للنظر ، ضرورة عدم تفاوت صدق الكثرة والقلة في هذه الأمور كلها ، نعم قد يبطل وإن كثر من جهة عدم تفويته الموالاة ، وقد يبطل مع القلة لثبوت المحو به ، ولا يستحق بذلك تغيير الاسمين ، إذ ليس المبطل منحصرا بالكثير ولا العكس.
ثم إنه لا يخفى عليك إمكان الاكتفاء في الرجوع في مسمى الكثرة إلى العرف والعادة بوقوعه في معاقد الإجماعات مثلا من غير حاجة إلى نص بالخصوص ، على أنه ليس مراد الأصحاب كما أشرنا إليه سابقا في الرجوع في الكثرة إلى العادة من حيث صدق اللفظ وعدمه حتى يتوقف على وجوده في النص وعدمه ، بل المراد أن الصلاة المطلوبة للشارع لا ريب في أن لها صورة خاصة وكيفية محدودة ، بل من المعلوم بالضرورة أن الصلاة من ذوات الهيئات الملاحظ فيها اتصال الأفعال وغيره من الكيفيات ، وليست هي مجرد أفعال من غير مدخلية لاتصالها ونظمها ، ولا ريب أن هذه الصورة إنما يحفظها المكلفون المخاطبون بها المؤدون لها في كل يوم المتشاغلون بها