ومنه يعلم أنه لا بطلان بق المقتطعة من قام ، ولا بز وإن انتقل منها إلى زيد يحسب المقام ، بل ولا بطلان بحروف المعاني من ل و ب و د و نحو ذلك ، لعدم الفهم منها وضعا ، والظاهر أن من التكلم بحرفين إشباع حركة الحرف بحيث يتولد منه حرف إذ لا ينقص عن الكلمة المركبة وضعا منهما من غير فرق بين ما كان يمده أشبه الكلمة الموضوعة كبا وتا وثا علما للحروف وبين ما لا يكون كذلك كعا وكا ، لما عرفت من عدم الفرق عندنا بين الموضوع منهما والمهمل ، فما عن الروض من اعتبار ذلك لا يخلو من نظر.
أما مد حرف المد واللين نفسه فقد يقوى عدم البطلان به ، لأن المد على ما حققوه كما قيل : ليس بحرف ولا حركة وإنما هو زيادة في مط ( مد خ ل ) الحرف والنفس وذلك لا يلحقه بالكلام ، وقولهم : يمد بمقدار خمس ألفات مثلا يراد منه التقدير لزمان النطق بالالفات المستقلة كما هو ظاهر العبارة المزبورة أو صريحها ، لا أنها تكون بذلك ألفات متعددة ، ومن هنا قال في الروضة : « والعجب أنهم جزموا بالبطلان بالمد (١) مطلقا وتوقفوا في الحرف المفهم من حيث كون المبطل الحرفين فصاعدا ، مع أنه كلام لغة واصطلاحا » قلت : لا ظهور في كلامهم بالجزم بالبطلان بالمد بالمعنى المزبور بل لعل مرادهم ما ذكرناه أولا ، ففي الذكرى بعد أن حكم بالبطلان بالحرف المفهم قال : « وكذا لو كان الحرف بعده مدة إما ألف أو واو أو ياء » وفي جامع المقاصد في شرح قول الفاضل : وفي الحرف الواحد المفهم والحرف بعده مدة وكلام المكره عليه نظر ، قال : « المسألة الثانية أن الحرف بعده مدة ، والمراد به إشباع الضم أو الفتح أو الكسر في حرف ، وفي الإبطال به نظر ، منشأه من أنه يعد حرفا واحدا ، ومن أن المدة إما وأو أو ألف أو ياء ، وتسميتها مدا لكون حرف المد واللين لا يخل بكونها حرفا ، وهو
__________________
(١) الذي في الروضة بالأول يريد به الحرفين فلا إيراد عليه فلاحظ ( منه رحمهالله ).