وأن يكون متطيبا لابسا أفضل ثيابه وأفخرها وأنظفها وأن يدعو أمام توجهه إلى المسجد بالمأثور في خبر أبي حمزة الثمالي (١) « اللهم من تهيأ وتعبأ » إلى آخره وغيره وأن يكون الخطيب بليغا مراعيا لما يقتضيه الحال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد وعن الابتذال لتكون موعظته جالبة للقلوب مؤثرة فيها ، ويتوجه الناس إلى الإصغاء إليها ، وفي الذكرى « يستحب كونه بليغا بمعنى جمعه بين الفصاحة التي هي خلوص الكلام من التعقيد وبين البلاغة ، وهي بلوغه بعبارته كنه ما في نفسه مع الاحتراز عن الإيجاز المخل والتطويل الممل » وعن دلائل الإعجاز « أنه لا معنى لها إلا وصف الكلام بحسن الدلالة وتمامها ، فما كانت دلالته أتم يترجمها في صورة هي أبهى وأزين وآنق وأعجب وأحق بأن يستولي على هوى النفوس ، وينال الحظ الأوفر من ميل القلوب ، وأولى بأن يطلق لسان الحامد ويطيل رغم الحاسد ـ قال ـ : ولا جهة لاستكمال هذه الخصال غير أن يأتي المعنى من الجهة التي هي أصلح لتأديته ، ويختار له اللفظ الذي هو أخص به وأكشف عنه وأتم له وأخرى بأن يكسبه نيلا ، ويظهر به مزية » وعن نهاية الأحكام « بحيث لا يكون مؤلفة من الكلمات المتبدلة ، لأنها لا تؤثر في القلوب ، ولا من الكلمات الغريبة الوحشية ، لعدم انتفاع أكثر الناس بها ، بل تكون قريبة من الأفهام ناصة على التخويف والإنذار ».
وأن يكون مواظبا على الصلوات في أول أوقاتها وعلى الائتمار بما أمر به والانزجار عما نهي عنه ليكون له وقع في النفوس ، فتكون موعظته أوقع في القلوب.
ويكره له أي الخطيب الكلام في أثناء الخطبة بغيرها إذا لم يكن مفوتا لهيئتها وسالبا لصدق المراد شرعا منها ، وإلا حرم الاجتزاء بها ووجب استئناف غيرها وكأن وجه الكراهة ـ مضافا إلى انفصام نظام الخطبة الموجب للوهن في الإبلاغ
__________________
(١) التهذيب ج ٣ ص ١٤٢ ـ الرقم ٣١٦ من طبعة النجف.