ليس الحيض ونحوه إلا من موانع صحة الفعل في ذلك الحال لا أصل التكليف ـ غير مجد بعد أن استظهرنا من الأدلة كون التسبيب على الكيفية المزبورة ، فتأمل.
وكذا يظهر مما ذكرنا أيضا البطلان لو خالف بأن ترك الحاضرة واشتغل بالكسوف حينئذ لا للنهي عن الضد ولا لغيره مما عرفت سابقا ، بل لعدم التكليف به حينئذ لقصور الوقت بخلاف ما تقدم مما استقر فيه وجوب الكسوف فلم يفعله حتى ضاق وقت الفريضة ، فإن الأظهر فيه الصحة لو خالف ، إذ احتمال تمحض الوقت للفريضة على وجه الاختصاص بحيث لا يقع صلاة الكسوف فيه لا دليل عليه ، بل أقصاه وجوب التقديم للأهمية ، فهو كالمضيق الذي يجب فعله لضيقه فتركه واشتغل بالموسع ، فإن الأقوى فيه الصحة كما بيناه في الأصول ، بل قد يقال بالصحة في الفرض أيضا لو خالف وإن كان الوقت قاصرا ، لا طلاق دليل الوجوب الذي قيد في حال عدم المعصية بدليل اليومية أما لو عصى فتركها وصلى غيرها فيبقى تحت الإطلاق ، لعدم المعارض له في هذا الحال ، وحينئذ لا فرق في المطلقين بين الموقتين وغيرهما ، وبين تضيقهما بالعارض من سوء اختيار نحوه ، والضيق من أول الأمر والممتنع عقلا امتناعا يوجب رفع الخطاب أصلا في الموقتين بوقت مشخص يقصر عنهما ، فلو جاء في الأدلة الظاهرية مثله وجب العمل بما يرجح منهما وطرح الآخر بخلاف المطلقين ، فتأمل جيدا ، ولتفصيل المقام محل آخر هذا.
وفي الذكرى لو اجتمعت آيتان فصاعدا في وقت واحد كالكسوف والزلزلة والريح المظلمة فإن اتسع الوقت للجميع تخير في التقديم ، ويمكن تقديم الكسوف على الآيات لشك بعض الأصحاب في وجوبها ، وتقديم الزلزلة على الباقي ، لأن دليل وجوبها أقوى ولو اتسع لصلاتين فصاعدا وكانت الصلوات أكثر مما يتسع له احتمل قويا هنا تقديم الكسوف ثم الزلزلة ثم يتخير في باقي الآيات ، ولا يقضى ما لا يتسع له إلا على احتمال