أيضا ، قال : قيل : الإصغاء واجب والكلام حرام ، وعندي فيه إشكال لكن لا تبطل الجمعة معه إجماعا ، وثانيا أنه ليس في الأدلة ما يشهد للتفصيل المزبور ، ومجرد إمكانه لا يصلح مدركا للقول به ، فالمتجه حينئذ التعميم ، ولكنه غير مبطل للإجماع المزبور وغيره ، هذا.
والمراد بالإصغاء التوجه لاستماع الكلام ، قال في الصحاح : « أصغيت إلى فلان إذا ملت بسمعك نحوه » قيل : وبه فسره المحقق الثاني وجماعة ، وعن القاموس « الإصغاء الاستماع مع ترك الكلام » وبه فسره الفاضل في نهايته والشهيد الثاني وغيره فهو حينئذ أخص من الاستماع ، وعلى الأول مرادف له ، وعن الطبرسي « الإنصات السكوت » وعن ابن الأعرابي « أنصت ونصت وانتصت استمع الحديث وسكت » وعن الغريبين « الإنصات سكوت المستمع » وفي المحكي عن كنز العرفان « استدل أصحابنا والحنفية على سقوط القراءة عن المأموم بقوله جل شأنه (١) ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) فإن الإنصات لا يتم إلا بالسكوت ـ وقال قبل ذلك ـ : إن استمع بمعنى سمع ، والإنصات توطين النفس على السماع مع السكوت » وظاهره الفرق بين الاستماع والإنصات ، والظاهر أنهما بمعنى ، وليس ترك الكلام داخلا في حقيقة أحدهما كالاصغاء.
نعم لا تحصل غالبا إلا بترك الكلام المشغل للبال المنافي للتوجه ، وربما يومي اليه ذكر المصنف التردد في الكلام بعد الإصغاء ، فقال وكذا التردد في تحريم الكلام في أثنائها أي الخطبة لكن ليس بمبطل للجمعة إجماعا في التحرير وجامع المقاصد والمحكي عن النهاية ، بل في الأخير « أن الخلاف في الإثم وعدمه » قلت : المشهور كما في الذكرى وكشف الالتباس « حرمة الكلام على السامع » بل عن الخلاف « الإجماع على تحريمه على المستمعين » وعن الكافي « على المؤتمين » وفي الوسيلة « تحريمه على
__________________
(١) سورة الأعراف ـ الآية ٢٠٣.